من أجَلّ الأدوار المؤداة في المجتمع المدرسي هو دور الأخصائي الاجتماعي متى توافرت له الإمكانات الإيجابية الفاعلة لممارسة الدور الفني والمهني - وليس بتحويله لإداري -.
ومن محاسن القول: إن الاخصائي الاجتماعي العربي السعودي لم يُعد ويُؤهل ليكون مجرد رقم في المنظومة التعليمية، بل هو شخص يعيش مجتمعه الإنساني المتفاعل مع مخرجات الفضاء الحدثي المواقفي، ينهل المعلوماتية عبر الشبكات الاتصالية ويتجه بما لديه من فنيات الانتقاء لمصادر الفكر الاجتماعي مدركاً لتحدياته وتناقضاته ولديه إمكانات وقدرات التأهل لتثمين ما يصل إليه من مناهل المعلوماتية في ضوء ثقافة مجتمعنا العربي الأبي التليد لاستخلاص منهجية متوافقة لممارسات وأساليب العمل الاجتماعي في المحيط المدرسي وإزاء المجموعات الطلابية، والاتجاهات العملية، والممارسات السلوكية، والتفاعلات العلاقية التواصلية، والمناخات البيئية، بهدف التأكيد على الصحة النفسية في المحيط المدرسي، والمناخ البيئي، وذلك بالوقوف على أية صعوبات أو مشكلات أو سلوكيات أو مواقف أو أحداث حياتية معيشية ذات أثر في إمكانات التفاعل مع العملية التعليمية والمستويات التحصيلية والمناشط المدرسية.
ولذا يتوجب تعزيز دور الأخصائي الاجتماعي المدرسي باختياره ذاتا (شاخصا) وليس رقماً مجرداً.
كما يتوجب على أولي الأمر العملية التعليمية لمعالجة ذلك التباين في الرؤى بين كل من الإدارة التعليمية والإدارة التربوية التي تعلوها - في مستويات الهرم الإداري - نحو ممارسات الخدمة الاجتماعية المدرسية الذي من جرائه تسببت وتصلبت الإدارة المدرسية في الحيلولة دون أن يؤدي الأخصائي الاجتماعي دوره المنوط به في إدارة المناشط الخدمية الاجتماعية لصالح الطالب وبيئته، والمدرسة ومحيطها وفي ذلك دعم لحصول المجتمع على حقوقه الكلية في النماء والأمان والنهوض والاستقرار.
فكيف يتأتى ذلك وما زالت الإدارة المدرسية تصر على إثناء الأخصائي الاجتماعي عن أداء دوره الفني والمهني وتكلفه بمهام أخرى، ويعتبر الكاتب من منطلق خبرته المهنية في إغفال الدور الحقيقي للأخصائي الاجتماعي ضياع للسنوات التي قضاها في التأهل المهني، وإهدار للمال العام الذي أنفقته الدولة في تعليمه الأكاديمي المتخصص، وضياع لآمال المجتمع في وجود المتخصص الذي يتعرف على الفروق المادية بين أبنائهم والتفاعل مع خصائصهم العقلية والنفسية ومطالبهم العمرية وتمايزهم العلمي والخلقي، وترابطهم المجتمعي والأسري.
إن تصويب وضع الأخصائي الاجتماعي ضرورة وطنية، حيث يبعث على الثقة بين الأخصائي الاجتماعي والطالب وولي الأمر والبيئة المدرسية وفي ذلك إعلاء لصوت العقل ومنطق الحكمة.