|
للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام فهي أعظم الفروض بعد الشهادتين وأحد أركان الإسلام الخمسة، كما أنها آخر وصية وصَّى بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقته الدنيا، وهي العبادة الوحيدة التي لا تنفك عن المكلف بل تبقى ملازمة له طول حياته، أمر الله بالمحافظة عليها وإقامتها في أوقاتها، وإذا كان الحال كذلك في شأن الصلاة؛ فإن المسلم مأمور من ربه تعالى بالمحافظة عليها في أوقاتها المعلومة وهذا من أحب الأعمال إلى الله، فهي شعيرة معظمة في قلوب أهل التقوى مرتبطة بحياة المسلم، عليه أن يهيئ نفسه لأدائها في كل وقت، ويُفرغ قلبه من الشواغل وحياته من كل عمل، ويقبل على الصلاة بقلب خاشع مخبت. وتهيئة النفس للصلاة ملاحظ قبل الدخول فيها.
فالأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، ونُدب المسلم إلى إجابة المؤذن استعدادًا لهذه الفريضة. ثم القيام بالوضوء الذي هو تنظيف الأعضاء وتطهيرها على صفة مخصوصة. ثم الذهاب إلى المسجد وما يترتب عليه من خطوات المشي من الأجر والثواب. ثم يقوى هذا التهيء النفسي للصلاة بتقديم الرجل اليمنى عند دخول المسجد مع دعاء الدخول، استشعارًا لحرمة مكان العبادة. ثم أداء صلاة تحية المسجد.
ثم إقامة الصلاة التي هي إعلام بالقيام لها تاركًا المصلي كل همومه وشواغله وعمله وبيعه وشراءه معلنًا التكبير لربه مقبلًا عليه بقلبه، مستشعرًا حلاوة هذه العبادة ولذة المناجاة فيها، حيث تخشع فيها القلوب إلى علام الغيوب يرجو فيها العبد رحمة ربه ويخشى عذابه فتزكو بذلك النفوس، وتتطهر القلوب من الآثام والذنوب، كل هذه الأحوال ما شرعت إلا لتكون النفوس على تهيؤ تام للدخول في هذه الفريضة العظيمة بقلوب حاضرة ونفوس واعية، ولكن واقع كثير من الناس اليوم يخالف ذلك فلا يأتي للصلاة إلا في وسطها أو في آخرها أو بعد سلام الإمام، وهذا قد أبعد نفسه عن الخير وحرمها من الثواب. فالمحافظة عليها دليل على الإيمان، والخشوع فيها طريق الفلاح، والتثاقل عنها أو التساهل فيها علامة النفاق وطريق الهلاك والخسران.
فمن حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا يسعد به في حياته وبعد مماته وعند لقاء ربه. والله ولي التوفيق.
* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية