ها نحن نعيش أيام عيد الفطر السعيد وهذه الأيام المباركة والمناسبة السعيدة ومن كمال هذه المناسبة كونها تجمع الأقارب والمعارف والأحباب بعد انقطاع وطول غياب ولكي تتصافى الأنفس ويلتم الشمل ولنجعل البغضاء والضغينة خلف ظهورنا بل نجعلها في عالم النسيان وإن يوم العيد لهو الفرصة المواتية للتصالح والتسامح وصفاء النفوس كونه مناسبة غالية لا تتكرر سوى يوم في العام فاستغلوا هذه الفرصة يا من بينكم عداوة وبغضاء وضغينة لأنه قد يحدث أن يكون هناك قطيعة رحم أو عداوة -لا سمح الله- بين الناس والأقرباء خاصة والكل منهم يتردد في إنهاء هذه الخلافات والمشاحنات لتمضي الأيام تلو الأيام ولا يسلم أحدهما على الآخر بسبب الخلاف على أمور دنيوية حتى يأتي هذا اليوم المبارك الذي هو يوم العيد وهو بمثابة الخصومة ومد يد المصافحة لكي تتصافى الأنفس والقلوب بين المتخاصمين ويبدؤون في فتح صفحة جديدة ناصعة البياض خالية من العداوة والبغضاء كون يوم العيد هو اليوم المناسب والوحيد لدفن الأحقاد وصلة الأرحام بعد قطيعة عام أو عدة أعوام وفيه تتصافح النفوس جنبا إلى جنب مع الأيادي وهذا من المقاصد العظيمة التي شرعت لأجلها الأعياد في الدين الإسلامي ولترسيخ قيم التلاحم بين أفراد المجتمع وتوثيق الروابط الإيمانية ورفع شعار الأخوة الدينية والإنسانية بين المسلمين كافة. إن البعض من الناس يعيش طيلة أيام العام في هموم وأحزان ومشاغل دنيوية حتى يأتي يوم العيد بما شرع الله تعالى فيه لنا من الفرح والسرور ليقطع ما أحاط بالقلب من الهموم والأحزان وليرى الحياة بوجه جديد يبعث فيه البهجة ويجدد له الأمل حينما يفرح بإتمام صيامه وقيامه ويستقبل يوم العيد بسننه المحببة التي تبعث في النفس الفرح والسرور وتجدد فيه النشاط فيلبس أحسن الملابس ويفطر على بضع تمرات ثم يخرج مع إشراقة يوم جديد وهو يوم العيد ويستنشق نسيم الصباح ويستقبل النهار بوجه متفائل جميل ويذكر الله مكبراً ومهللاً وساعياً إلى صلاة العيد ليلتقي بإخوانه المسلمين ويأنس بهم وإنها لعبادة وسنن وأفراح تكسر الهموم وتذهب الأحزان وتجدد النشاط.
وفي العيد فرصة ثمينة لبر الوالدين وصلة الأرحام وإكرام الجار عن طريق الزيارة والمعايدة والتهنئة وإظهار الفرح كما أنه فرصة لإصلاح ذات البين وإزالة الخصومة بين المتخاصمين والمتنازعين من حواجز البغضاء والفتن ولكن بمجرد التهنئة فإنها تزيل الحواجز وتداوي الكثير من الجراح بين المتخاصمين وبالتالي يكون التسامح لأن التسامح كلمة عظيمة وجميلة وتحمل معاني أجمل وهو الإحساس بالسلام ونسيان الماضي الأليم وفتح صفحة جديدة شعارها العفو والغفران اللذان هما الأساس لحياة سعيدة خالية من النكد والكدر ولأن التسامح مع الآخرين يشعر الإنسان بالسعادة ولأن التسامح يمد جسور المحبة والإخاء والرحمة والصفاء وتوطين العلاقات الإنسانية الحميمة وكسب محبة الآخرين وكسر الحواجز التي وضعها التكبر والقسوة والبطش بالآخرين.
وإذا كان العفو والتسامح مبدأ مطلوباً في سائر أيام العام فمن باب أولى أن يكون في هذا اليوم وهو يوم العيد وليكن هذا اليوم بداية لصفحة جديدة لكل المتخاصمين أو من بينهم أي عداوة وكراهية ونسيان الماضي مهما كان بداية من أول أيام العيد ثم... إلى متى سيظل الناس في عداوة وبغضاء وخصام فيما بينهم فلا بد لهذه الخصومة من نهاية وحد وهذا الحد هو يوم العيد.
- إعلامي