«الحوار يمثل أنجع الأساليب وأجداها لتحقيق الانسجام بين أبناء المجتمع وشرائحه وتوجهاته كون اختلاف الآراء وتنوع التوجهات أمرا واقعا ونتيجة طبيعية من طبائع الناس».
هذا القول الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين لدى لقائه مسؤولي «مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني»، يجسد بديهية إنسانية، وإن تجاوزها الكثيرون إلا أنها حقيقة تفرض حضورها على الواقع الإنساني المعاصر والقديم أيضاً، فالمجتمعات التي تنتهج الحوار تتجاوز كثيراً من الإشكالات، وتحل خلافاتها التي هي سمة طبيعية يشترك فيها البشر، إلا أن للحوار أصوله وقواعده، إذ إن أي حوار لا يلتزم بمنهج الحوار الصحيح وقواعده وأدبه يتحول إلى فوضى، وهو ما حذّر منه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ذلك لأن توجه الحوار إلى تسجيل مواقف ومزايدات وعدم الالتزام بأدب الحوار والوقوع في فخ التصنيفات الفكرية التي يتخندق خلفها المتحاورون والتشبث والانحياز بآرائهم وأفكارهم ومواقفهم التي تتعارض مع نظرات ومواقف الآخرين يجعل من الصعب التعايش، وخصوصاً إذا ما لامست هذه الخلافات الضوابط الشرعية والوطنية.
وكما أكَّد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأن بوسع الجميع التعايش مع الاختلاف والتنوع إن هم تمسكوا وأشاعوا ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال وانتهاج الوسطية وقراءة التحديات الفكرية والمجتمعية، وهو ما يأخذ به المجتمع السعودي الذي فعل أكثر من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أنجز الكثير من الفعاليات والنشاطات الفكرية التي اعتمدت الحوار قاعدة للتقارب بين الأفكار، وتقليص مسافات الخلافات بين أبناء المجتمع.