تطوى صفحات الأيام وتطوي معها آجال وأعمار لأجيال من البشر فما من مخلد في هذه الدنيا، ونحن كل يوم نودع عزيزاً ونشيع فقيداً مع التفاوت في أقدار الرجال ما بين فقيد أهله وفقيد أمته.
نمسك بالقلم اليوم لنودع فقيدا من رجال الكلمة وفرسان الحرف وأحد الرواد في صحافتنا الوطنية هو الأستاذ محمد صلاح الدين الذي اختاره الله إلى جواره في أواخر أيام شهر رمضان المبارك تاركاً وراءه عطاء سنوات من العمل في مجال الصحافة ورحلة الكلمة، فقد كان أحد الرواد إلى جانب كوكبة نفتقدهم يوماً إثر يوم وبعيداً عن سرد السيرة الذاتية لا بد من الإشارة إلى محطات مهمة في تاريخ الفقيد منها عمله مديراً للتحرير ورئيساً للتحرير في جريدة المدينة ونائباً لتحرير جريدة الندوة إلى جانب كونه من أول من اتجهوا إلى تأسيس الإعلام المتخصص وذلك من خلال شركة مكة للإعلام التي عملت على إصدار عدد من المطبوعات المتخصصة وفتحت المجال لشركات ومؤسسات أخرى في هذا المجال.
يجمع كل من عرفوا الفقيد وعملوا معه على أنه كان إدارياً فذاً وزميلاً وفياً لزملائه فلم تنسه مسئوليات الإدارة عن واجبات الزمالة وكان أستاذاً بحق من أساتذة الصحافة سواء بإدارته الصحفية وخلق روح الفريق بين العاملين معه أو عبر كتاباته التي لم تتوقف في زاويته المعروفة الفلك يدور في جريدة المدينة.
لا يكفي حينما نودع أحداً من الرواد أن نتوقف عند سرد مآثرهم والتغني بها ولكن المطلوب تخليد ذكراهم في وجدان أمتهم ووطنهم الذي قدموا له أغلى ما يملكون، مطلوب أن نجمع إبداعهم ونوثقه وأن ننشئ كراسي بحث علمية بأسمائهم ومناقشة إبداعهم وأن نربط الجيل الجديد بهم كي يظلوا القدوة والمنارة لأجيال ستأتي لا بد أن يكون لها من بيننا قدوة تتأسى به.
وأخيراً قد يكون هذا عام الحزن في مجال الصحافة، حيث فقدنا أكثر من مبدع مثل ابن خميس ومحمد صادق دياب وأخيراً محمد صلاح الدين وآخرين.. نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة وأن يعوض الوطن عنهم خيراً.