رغم أن المبادرة العربية التي وضعها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الذي عُقد مساء يوم السبت، والتي سيحملها أمين عام جامعة الدول العربية إلى دمشق، لم يكشف النقاب عن مضمونها، إلا أنَّها تمثل الفرصة الأخيرة للنظام في سورية ليؤكد بقاءه في المنظومة العربية وأنه لا يزال يأخذ في الاعتبار المصلحة العربية العليا في الاهتمام التي وحدها القادرة على تجاوزه الوضع الذي وضع نظامه والمنطقة فيه، بعد أن سار في الاتجاه المعاكس للمصالح العربية بتحالفه مع نظام طائفي وعنصري منبوذ عربياً وعالمياً.
الأكثر خطورة أنَّ تحالف النظام السوري مع نظام إيران وروافده الطائفية في لبنان والعراق أوجد حالةً لم تكن معروفة من قبل في العالم العربي، إذ لأول مرة يتم مهاجمة المساجد بعد انتهاء الصلاة والاعتداء على أئمتها مثلما حصل ليلة أمس الأول حينما شنت قوات الأمن المدعومة بـ»الشبيحة» على عدد من مساجد العاصمة بينها مسجد الرفاعي في حي كفر سوسة أكبر مساجد الحي واعتدوا على خطيب المسجد والإمام والمصلين، حيث نُقل الإمام إلى المستشفى وأُدخل العناية المركزة.
هذا الفعل الشائن الذي يحصل لأول مرة في المنطقة وتنقله شاشات التلفاز، حيث شوهد إمام المسجد وهو يُنقل على نقالة، أثار الغضب وحمية لدى جميع السوريين وبالأخص أبناء دمشق الذين تحدوا كل مظاهر القمع وإجراءات الأمن والجيش وما يقوم به ما يسمى بـ»الشبيحة» الذين تأكد بأنهم عناصر مختلطة من عناصر حزب الله اللبناني والباسيج الإيراني ومليشيات عراقية طائفية معروفة، ميزتهم لهجاتهم وعرفهم السوريون من ملامح وجوههم وأحاديثهم.
الانتفاضة التي عمَّت أحياء دمشق يوم أمس والليلة قبلها وما سيتبعها تُوَجِّه الإنذار الأخير للنظام هناك بأن يرتدع ويتقي الله في شعبه. والمبادرة العربية تمثل فرصة لهذا النظام للعودة إلى الحضن العربي والابتعاد عن الحضن الذي ورطه في قتل شعبه.