عندما يوجِّه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، بجمع كل حوارات أعضاء حملة السكينة ضد التطرُّف، ومحاربة الفكر المنحرف في المنتديات - منذ - انطلاقتها؛ لفائدة الباحثين، والمتخصصين؛ ولتوثيق عمل الحملة في تعزيز الوسطية، والحوار داخل المنتديات.
فهي دعوة مطلوبة، رغم ما يعترضها من عوائق نفسية، ومعرفية.
وفي اعتقادي، أنّ رصد تلك الظواهر المنحرفة في رسالة علمية، سيساعد على تفكيك ظاهرة الإرهاب، بكشف أسبابه، والبحث عن الحلول.
من لوازم التقييم، أن تكون هناك مراجعة نقدية للواقع، وطرح رؤى بديلة للأمور؛ مواكبة للأحداث، والمتغيّرات التي تعصف بالأمة، والاختيار فيما بينها، فالإسلام جاء؛ ليصلح الواقع، ولا يصطدم معه.
ومثل هذه المراجعات، سيكون لها أثر كبير في إقناع الآخرين بعدم صحة المنهج التكفيري، ونبذ سياسة احتكار الحقيقة المطلقة، عن طريق حلحلة تلك القناعات، وتوجيهها الوجهة الصحيحة.
إنّ نبذ العنف، والبعد عن الغلو، منهج نبوي، وهو طريق للإصلاح. فباسم الإصلاح، أثار هؤلاء الفتن، وفرّقوا الكلمة، وأفسدوا في البلاد، والعباد. ولم يفرّقوا بين القريب، والبعيد في ممارسة التكفير، والتفجير. - ولذا - فإنّ بناء الحاضر، وترتيب المستقبل، يحتاج إلى المزيد من الوعي، والإحاطة بهكذا عقليات، ونفسيات، حتى نلم في نهاية المطاف، بإدراك ذواتهم، وما يحيط بهم من قوى فاعلة، ومؤثرة في ضوء كل تلك المعطيات.
استطاعت حملة السكينة للحوار، كسب مساحة واسعة على شبكة الإنترنت من خلال تغطيتها «800» موقع، ومنتدى.
حيث تُعد شبكة الإنترنت فضاءً كبيراً لنشاط أصحاب الفكر التكفيري، فكشفت بما لا يدع مجالاً للشك الأهداف الحقيقية لهذه الفئة، بعد أن تمركزت تفاعلاتهم حول النص الشرعي، بمعزل عن روح النص، ومقاصد الشريعة، فاحتجوا بنصوص في غير موضعها؛ لتبرير تصرفاتهم الخاطئة، وتجييرها لأهدافهم بتصوّرات مغلوطة.
صحيح أنّ جهداً كهذا، يحتاج إلى عمق في الرؤية، والطرح.
وقد تكون لها خصوصية معيّنة في قراءة المخزون الفكري لهذه الفئة قراءة نقدية، والتمييز بين النص، والواقع، والمآل، إلاّ أنه في نهاية المطاف، سيكون سبيلاً إلى تصحيح المفاهيم من منطلق رؤية شمولية، تأخذ بعين الاعتبار - كافة - الأبعاد الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية لظاهرة الإرهاب؛ إبراءً للذمة، وإقامة للحجة. وحتى نصل إلى نضج فكري قادر على تصحيح الأخطاء، وتداركها قبل فوات الأوان.
drsasq@gmail.com