عندما يقول قائل إن التوعية ضرورية لأنها تؤدي إلى تلافي الخطأ وتوسع مدارك الإنسان نحو السلوك والعمل الصحيح فهذا صحيح وكلام جميل لكنك عندما تيأس من أن التوعية أحياناً تقف عاجزة عن تحقيق مرادها فإنك تستغرب وقد تغضب على الفئة الموجهة لها التوعية وهنا يبرز لنا سؤال كبير لماذا لا تفيد فينا التوعية ولا تغير منا شيئاً هل نحن صخر صلد أم نحن مقفلو العقول لا نستوعب شيئاً أم أننا نأخذ ما نريد وما يروق لأمزجتنا ويتوافق مع أذواقنا؟ هذا السؤال وغيره يطرحه البعض بحرقة وخاصة عندما يشاهدون قبل الإفطار برنامج/ أحمد الشقيري «خواطر» على قناة m.b.c الفضائية وهو ينقل لنا تجربة الشعوب النامية والمتطورة والتي بدأت بجدية في تحديث آليات الحياة لديها وتغيير سلوكيات المجتمع والقطاعات الخدمية وحققت نجاحاً باهراً بينما نحن لم نغادر نقطة الصفر حتى الآن بل البعض منا يحارب «الشقيري» وبرنامجه بزعم أننا مللناه وأنه شوّه صورتنا وصور الآخرين أحسن منا وهنا لماذا؟ نقف أمام كل برنامج توعوي يحرّزْ أخطاءنا وسلبياتنا موقف المتفرج المستهجن ولا يحرك فينا استنهاض الشعوب والمجتمعات لإرادتها وحب التقدم والتطور أي جذوة لتغيير سلوكنا وأسلوب حياتنا بل نردد نحن بخير ونعمة أو نحن لنا خصوصيتنا وعاداتنا.
وهنا نقول هل ما عرض في البرنامج لسلوكيات جيدة وأساليب خدمات متطور لشعب الإمارات العربية الشقيقة هم يختلفون عنا أو جاءوا من كوكب آخر أنك تقف محتاراً ولا تجد تفسيراً مقنعاً ولكنها في الأول والأخير ثقافة وإرادة شعوب هناك من ينهض منها وينفض غبار الكسل والتخلف وهناك من يظل في نوم وسبات عميق أو على الأقل يظل راكداً فتركد معه عجلة التقدم والتطور ومن منطلق أن مجتمع لم تفلح فيه توعية المرور للتقليل من حوادث السير والوفيات فيه لم يرتدع وينتهج السلوك الصحيح إلا بكمرات «ساهر» التي أطرته على الحق أطراً فإنه يبدو واضحاً لا برنامج «الشقيري» ولا غيره مفيداً قبل أن تسنّ له قوانين سلوكية رادعة كما فعله «الشجاع ساهر» ثم بعد ذلك يمكننا أن نتحدث عن برامج توعية لتحسين السلوك لتقود المجتمع إلى التقدم والتحضر كما نشاهده في المجتمعات الأخرى.
- شقراء