لا يتصـــرف الإرهــابيون أو يتحركـون، أو يصنعــون فعلا مـا، بل ينصاعــون إلى أوامر ايديولوجية مـكتومة، كأنهم مُنوّمين، أو مُقيمين في مصيرهم.
تتجلى «حكمة» الإرهابيين في حقدهم على المرايا، فينفونها من بيوتهم وعقولهم.
يُحسّون أن المرايا تضمر في أغوارها وجوهًا أخرى، لا يريدون أن يروها.
يعرفون أن إدامة النظر في المرايا قادرة على جعلهم قرابين أو ضحايا، بإحالتهم على دور الأنثى، حليفة المرآة وقرينتها.
يشعر الإرهابيون بأن المرايا في صيغتها الأنثوية، قادرة على أن تدخل عنصر الأمومة إلى مجالات وعيهم، فيرون وجوههم الأخرى.
يعلمون أنهم آباء لأبنائهم القتلى، وأن موافقتهم على قتل الأبرياء، بعملياتهم الإجرامية، تجعلهم يفقدون وجوههم، فيصبحون بلا وجوه.
لكن الإرهابيين لا يصيرون بهذا ضحايا، يُمكن أن تنتقم من نفسها، بل مجرد عميان بلا ملامح، يحاولون الدفاع عما يظنون فيه صورًا لوجوههم.. عندما نقذف رصاصة في صدر إنسان، فكأننا ندخل هذا الصدر.
وصدر «الآخر» هو العالم.
الله تعالى يسخر من أولئك «البشر»، لأنه يعلم أنه لا يمكن إخفاء الدم..
يحاول الإرهابيون أن يُرسّخوا في المشاعر الشعبية، بأن اليأس فضيلة، والأمل رذيلة، وكلّ عاقل سويّ مُنتحر أصلا..
يتضمّن مفهوم الحرب المقدسة تصوّر أن هذه الحرب يمكن أن تكون جديرة بالتقدير، وتفيد الذين يقومون بها.
إن التحوّل من العنف إلى احترام الانسان، يستلزم إعادة تقويم شاملة للعلاقة بالثقافة، إضافة إلى معنى السلوك الإنساني المسؤول..
في القرون الوسطى، سئل رئيس دير سيتو في جنوب إيطاليا: ما العمل، وقد تحصّن الهراطقة في المدينة، فلم نعد نُميّز المؤمن من المهرطق؟
أجاب رئيس الدير الإيطالي: اقتلوهم جميعاً، وسيعرف الله أتباعه..
أن تكونَ مُستعدا لكي تَقتل (بفتح التاء الأولى)، أن تكون مُستعدا لكي تُقتل (بضمّ التاء الأولى): أي الجريمتين أفظع؟
Zuhdi.alfateh@gmail.com