أغلبية مـــن يعتنقون الدين الإســــلامي يدخلونه بقناعــة تامة بســماحته ويسره وشموليته وصلاحيتــــه للحياة, يدخلون في دين الله أفواجاً متأثرين بأساليب الدعاة الممزوجة بالتواضع والسماحة ولين الجانب والقدوة الحسنة، وظهور سمات الجذب وهي في مجموعها تشكل «الكاريزما» المفترضة في الداعية, دعاة تقابلهم تود لو تمكث معهم طويلاً ابتساماتهم تأسر القلوب يؤثرون على أنفسهم يتنازلون عن أشياء كثيرة في سبيل الدعوة إلى الله لكن أعداد هؤلاء قليلة للأسف وغالبيتهم ينتشرون في أوروبا وأمريكا ونصيبنا من وجود نوعيتهم بيننا قليل, يركزون في دعوتهم على تغيير القناعات لذلك من يدخل الإسلام عن طريقهم يتمسك بقناعاته الجديدة ولايتنازل عنها بسهولة.
محمد صديق من إنجلترا اعتنق الإسلام بقناعة تامة وبتأثير من دعاة من أصول باكستانية متمركزين في بريطانيا وفور إعلانه إسلامه طردته عائلته المسيحية من المنزل وساومته إما أن يترك الإسلام أويغادر البيت غير مأسوف عليه، وتبرأت منه زوجته وفصل من عمله, واضطر على إثر ذلك أن يقيم في المسجد ويعمل في دكان صغير متواضع لبيع المواد الغذائية وبراتب بسيط بالكاد يكفيه لتدبير شؤونه. رغم الحالة التي بات يعيشها محمد إلا أن قناعاته ترسخت أكثر. التقيته قبل سنوات في مدينته بإنجلترا بصحبة بعض الزملاء السعوديين المقيمين بغرض الدراسة فوجدته، كما عهدته قويا متماسكا مملوءا بالتفاؤل مدججا بالطموح لخدمة دينه الجديد وأعظم أمنية يتمنى تحقيقها السفر إلى السعودية والإقامة فيها كان يضع هذه الأمنية في قمة أولوياته في الحياة إذا قابل سعوديا فاتحه في هذا الموضوع وهل بإمكانه مساعدته كي يسافر ولو على سبيل الزيارة مشترطا ذهابه فقط إلى مكة أو المدينة وينطلق في رغبته الشديدة من تصوره بأن أهل هذه الديار ملائكة يمشون على الأرض ودعاتها أفضل دعاة على وجه الأرض وبلاد سيجد فيها الهدوء والراحة والطمأنينة والدعاة والوعاظ الذين سيحتضنونه من لحظة وصوله سيجدهم نعم الإخوة وسيلقى منهم ما يخفف عنه قسوة الحياة في بلاد بعيدة يقصدها أول مرة في حياته.
بعد محاولات مضنية وسنوات من الانتظار حضر محمد للسعودية وتحديدا للمدينة المنورة بجوار الرسول عليه الصلاة والسلام للإقامة والعمل, مكث كما روى لي ثلاثة أشهر فقط ولم يستطع التكيف مع الحياة الجديدة فعاد إلى إنجلترا مكتفيا بتجربته القصيرة وتزوج من فتاة مسلمة قاطعا أي طموح بمغادرة بريطانيا إلى أي بلد آخر, سألته لماذا عدت رد علي لقد أحسست ببون شاسع بين تصوري والواقع الذي اصطدمت به. وجدت تباينا في سلوكيات السعوديين داخل وخارج بلادهم. وجدت جفوة وغلظة من بعض المتدينين عندما أسألهم عن شيء معين لم أعتدها من الدعاة في بريطانيا وتمسكا بالقشور أكثر من الجوهر والمضمون وتصرفات أستكثرها من دعاة ووعاظ بعضهم لا يتورعون عن الغيبة والسب والشتم لأناس مسلمين وغضب وسخط لمجرد اختلافات بسيطة.
نشاط الدعاة وسلوكياتهم الرائعة خارج الوطن تضع أكثر من علامة استفهام حول أداء الدعاة داخل السعودية وتسببهم في نفور المسلمين الجدد!
يقول الداعية نبيل العوضي في برنامج نبض الكلام في قناة «m.b.c» إن جمعية دعوية واحدة في الكويت تساعد على دخول أربعة آلاف سنويا في الإسلام، وفي شهر رمضان يعتنق الإسلام عن طريق الجمعية ألف إنسان ويرجع الأسباب لجهود الأهالي وحرصهم ولأساليب الدعاة الجاذبة.
shlash2010@hotmail.com