في الليل يستعيد المتحف هدوأه المعتاد. يلملم في أحشاء ظلمته سيرة الماضي، فلا بد له في النهار إلا أن يستعيد كامل لياقته، ليُحَدِّث الزوار، والسياح والمتفرجين عن مكنونه على وقع لغة (كان يا ما كان).
شعلة ما
أضئ لنا يا رفيق درب الحياة شعلة ما.. علنا نبصر جيداً جدران تلك المغاور والكهوف، وما عليها من نقوش وخطوط، ورسوم. عن وعول تم صيدها، وبقر وحشي خاتلته رميته.. فلن نجد من ذلك الماضي إلا تلك الإشارة العابقة برغبة الحياة.
المعرض
يجمع الهاوي بقايا تراث أهله، ويبرع المفتون بالماضي حشد أكبر قدر ممكن من ذبالات ذلك الألق البعيد، فليس أجمل من لقائنا بالماضي حينما يكون العرض شيقاً.
المكان
المكان رحلة شاقة نحو ضياء حكاية لا يكشف تفاصيلها سوى نقش، أو نحت أو أثر بقي على هيئة طرفة يسردها الحكاء المفوه؛ عن ماضي هذا الموقع أو ذاك.. فما بينهما سوى الذكرى.
تعاليل
قبل أن يفترق السمار، ويداعب النوم أجفان الخلائق لا بد أن يستعيدوا سيرة الماضي، ليدعوا جميعاً للراحلين برحمة وافرة، وللشائخين من فرط مكابدة ماضيهم بحسن الختام.. فلا يبخلوا حتى على أنفسهم في الدعاء بنوم هانئ.
الأطلال
لم يعد البكاء يا أبا بكر مجدياً الآن:
"أبكي على الأطلال.."
قولبه، أو علبه، وارصفه جيداً في مخازن الذكرى، فلم يعد هناك مجال أن يبكي شاعر فحل أو يافع على أطلال باتت قبض الريح.
الرواة
"آفة الذكرى النسيان" فكيف بالرواة أن يصوغوا مجد حكايتهم.. فلا ألذ، وأمتع من سيرة ماض تنز مفاتن عواطفها، إذ يهيل الحكاء المفوه ما بقي من ذبالات التاريخ على هيئة قصيدة تسند جدار الذكريات..
المضيء
الشيء المضيء، والهاجس المبهج حينما يلج الأحفاد وكر التاريخ.. ذلك الذي ترقد في تجاويف قبابه حضارة ما، وماض يعب من بياض الذكرى حتى الارتواء، فالدهشة هي التي تتواثب من عيون هؤلاء الذين يرقبون بقايا الماضي بولع فطري.
مقارنة
هب أن ذلك الماضي قد بات أثر بعد عين، حتما فإنه سيرتحل في أعماق النسيان.. لكن كيف سنصنع من حاضرنا ما سيقول عنه المستقبل: هذا تراثهم، وذاك ماضيهم؟! هل سيكون معبر وشيقاً وحنوناً كتراث من سبقونا؟!
تراسلات
بيننا وبين الماضي هذا الإرث الكبير من بقايا آنية، وسانية، وسيف مُثلَّم، داثر، وقِرَبٌ فارغة، وحُلِيُّ عمرها الصدأ، وأوان فُرِّغَت منذ عهود من مضمونها، فلم يبق إلا جوهر الحكاية صقيلاً عن ماض يتراسل بود بين جيل وآخر.