كتاب (مواقف مبكية للعلماء) من تأليف الصادق أحمد عبدالرحمن برير، تضمن العديد من المواقف لعلماء يخشون الله..

وقال المؤلف: أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المروذي قال: كان أبوعبدالله إذ ذكر الموت خنقته العبرة، وكان يقول: الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب، وإذا ذكرت الموت هان عليَّ كل أمر الدنيا.

وقال المؤلف: في عام واحد وسبعين وثلاثمائة وألف هجرية أصيب الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - بمرض ضيق الشرايين وضغط الدم، فكان يعتريه المرة بعد الأخرى وهو صابر عليه مدة خمس سنوات، فزاد عليه المرض، وفي عام 1372هـ أرسلت له طائرة تحمل لجنة أطباء لتشخيص المرض فرأوا أن يسافر إلى لبنان ليتلقى العلاج هناك إذ كان العلاج غير متوفر في السعودية آنذاك فسافر وجلس فيها نحو شهر حتى شفاه الله، وكان -رحمه الله- يستفيد من كل دقيقة، ففي فترة علاجه تعرف على علمائها وفضلائها ثم عاد إلى عنيزة ليكمل علمه وتدريسه.

وفي ليلة الأربعاء 22 من جمادى الآخرة سنة 1376هـ أحسَّ بشيء في جسمه مثل البرد والقشعريرة، وبعد أن أكمل الدرس أتمَّ صلاة العشاء إماماً، وبعد السلام أحس بثقل وضعف فأشار إلى بعض تلاميذه أن يمسك بيده ويذهب به إلى بيته، ففزع الذين حضروا للصلاة، وما أن وصل الشيخ إلى بيته حتى أغمي عليه ثم أفاق بعد ذلك وذكر الله وأثنى عليه وتكلم مع الموجودين عنده بكلام حسن ثم عاوده الإغماء فلم يتكلم.

وفي صباح الخميس سقط القلم من بين أصابع الشيخ وذاب الصوت القوي الندي اللطيف.. الذي ملأ طباق الأرض علماً وسكت اللسان الذي جالت الحكمة من فوقه وأطبقت الشفتان اللتان طالما تحركتا بالفقه والتأويل والتفسير.