أغلى «المواد» عنده، ليست النفط، ولن تكون الماء، ولا الذهب، ولا الألماس.
أغلى ما في الكون، على الإطلاق، هو الإيمان الباذخ، الذي يَقْدحُ الأمل بالمستقبل.
بدون الإيمان، في ميزان عبد الله بن عبد العزيز، لا قيمة لما «نرى» له قيمة.
روى خادم الحرمين الشريفين، أنه إبان زيارته لعاصمة جمهورية الصين الشعبية، في العام 1419هـ 1998 م، أسرّ له الرئيس الصيني، بالقول:»أنا أحسدكم في المملكة العربية السعودية على البترول الذي لديكم».
التفتَ الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى مُضيفه، مُعقّبا على هذا الاعتراف بـ «الحسد»، قائلا في هدوءٍ معهودٍ عنه، بالقول:
« فخامة الرئيس! أرجوك: عندنا شيء أهمّ من البترول، هو بيت الله الحرام في مكة المكرمة، ومسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في المدينة المنورة».
استغرقَ خادم الحرمين الشريفين في التفكير مليّا، ثم تابع يستكمل حديثه مع الرئيس الصيني، المُتعطّشة طفرة بلاده الاقتصادية إلى كل قطرة بترول، ليؤكد لمضيفه قائلا:
«هذه أعزّ عندنا من البترول، وغير البترول».
يقول الملك عبد الله ما يعني، ويعني ما يقول.
لم يتردّد، يوما، في الأخذ بكلماتٍ تخصّه حقيقةً، مُتأصّلة ً في داخله.
ولأن اليقين هو مُطابقة العقل معقوله، خلص في حواره مع مُضيفه الرئيس الصيني، فأجملَ بكلمات ستّ مُلخّص السياسة البترولية السعودية، قائلا:
«نعم. البترول وسيلة، لكنه ليس غاية».
العاقل يطلبُ المعنى من خلال العبارات البسيطة المُتماسكة.
في نهاية الحوار، اطمأنّ الملك عبد الله، بعدما حاكم المسألة في ذهنه، إلى أن مُضيفه فخامة الرئيس الصيني، تفهّم أن الإسلام هو أهم كنوز الدنيا في معايير السعوديين.
لحظة تدشينه، قبيل أيام، التوسعة التاريخية للحرم المكي الشريف، كانت أجراس التاريخ تهدلُ في أذنيه، وتهطلُ الصلوات من غيمة الفجر، واحدة إثر أخرى، وهي تغسل المآذن.
Zuhdi.alfateh@gmail.com