من المعروف أن الموظف سواء كان في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص له دور في نجاح الجهة أو المؤسسة التي يعمل فيها، فإذا كان الموظف القيادي يقوم بعملية التخطيط والتنظيم والإشراف والمتابعة واتخاذ القرارات فإن موظف الاتصالات أو العلاقات يقوم
بدور يعكس حسن التنظيم في استقبال المعاملات وتوجيهها، ويعكس الوجه الحضاري في استقبال المراجعين وخدمتهم وإذا كان المهندس يقوم بوضع الخطة العامة للمشروع الذي كلف به فإن مساعديه الفنيين يقومون بعملية التنفيذ، وإذ كان الطبيب يقوم بعملية تشخيص المرض وتحديد العلاج اللازم فإن الممرض والصيدلي والأخصائي يقومون بادوار مهمة في إكمال عملية العلاج.
من ناحية أخرى إذا كانت الوظيفة الحكومية أو الخاصة عبارة عن حقوق وواجبات وتتمثل الواجبات في أداء العمل حسب المطلوب والانضباط في الدوام، وحسن التعامل مع الرؤساء والزملاء والمراجعين، والتعاون في سبيل تحقيق الأهداف ونحو ذلك، في حين تتمثل الحقوق في الراتب والبدلات والمكافآت والإجازات والترقيات ونحو ذلك، فإن التوازن بين الواجبات والحقوق الوظيفية ينبغي أن يكون هو السائد في العملية الوظيفية، وذلك أنه بقدر ما يحرص الموظف على استيفاء حقوقه ينبغي أن يحرص على أداء واجباته تمشياً مع تعليمات الدين الحنيف. قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ... (التوبة 105)، ومع ما أوردته الأنظمة الحكومية التي صدرت من ولي الأمر، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ... (النساء 59) ومع المبادئ الإدارية السائدة ومنها (أن الأجر مقابل العمل) و(أن الوظيفة تكليف وليست تشريفاً) ومع الضمير والفطرة الإنسانية اللذين لا يأمران إلا بخير.
ولذلك فإن الموظف العام أو الخاص لكي يكون مثالياً ينبغي أن يحرص على المحافظة على هذا التوازن بين أداء الواجبات واستيفاء الحقوق وهو أمر يتطلب ما يلي:
- أن يستشعر الموظف وهو ينجز أي معاملة إذا كان موظفاً إدارياً أو مخططاً أو متخصصاً أو فنياً، بأن العمل الذي بين يديه عمل لا يخصه أو يخص أحد أقاربه أو معارفه.
- أن يحرص على الالتزام بوقت الدوام حضوراً ووجوداً وانصرافاً وأن يخصص وقت الدوام لعمله الأساسي، وألا يخرج من وقت الدوام إلا لضرورة قصوى وبعد التنسيق مع جهة العمل، فمثلاً الموظف الذي يستغل جزءاً من وقت الدوام لمتابعة حركة الأسهم وعن طريق أجهزة الجهة التي يعمل فيها، أو يخرج وقت الدوام لمتابعة حركة الأسهم في أحد البنوك يعتبر مخلاً بهذا الواجب الوظيفي.
- أن ينفذ الموظف التعليمات الصادرة إليه من رؤسائه حسب المطلوب منه، وهذا لا يعني قفل الباب أمام الموظف في إبداء رأيه، فالموظف إذ كان لديه رأي يعتقد أنه الأفضل وفقاً لمستندات واضحة فعليه إيضاحه، وعلى رؤسائه الاطلاع عليه وتأمله ولكن إذ لم يأخذ رؤساء الموظف برأيه، فعليه تنفيذ ما يصدر له من توجيهات صريحة.
- أن يكون الموظف متعاوناً وبشوشاً مع رؤسائه وزملائه والمراجعين وفقاً للحديث الشريف (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) وأن يلتزم الموظف بالألفاظ الطيبة خلال العمل وأن يتجنب السخرية والاستهزاء، والاحتقار سواء لزملائه أو لمراجعيه قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ... (الحجرات11).
- أن يتحلى الموظف بالصبر وعدم الانفعال حتى لو تعرض للنقد من أحد رؤسائه أو زملائه أو مراجعيه، فالمراجع صاحب حاجة وقد ينفعل أثناء متابعته لمعاملته، وعلى الموظف التحلي بالصبر أمام هذا الانفعال، فصبر الموظف في مثل هذه الحالة لا يعتبر ضعفاً بل هو في مستوى الفضيلة، قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ... (آل عمران 134).
- أن يكون الموظف صادقاً في سائر تعامله بأن يتحاشى الكذب أو التزوير أو تشويه الحقائق أو طلب أو قبول الرشوة أو التمادي في الخطأ رغم وضوح الصواب.
- أن يحافظ الموظف على ما في عهدته مما تعود ملكيته لجهة عمله كالمكاتب والأجهزة والأدوات المكتبية والسيارات ونحو ذلك بأن يعتبرها أمانة لديه وألا يستعملها إلا لمصلحة العمل.
- أن يتحلى الموظف بالمظهر اللائق بأن يكون حسن الملبس وذا رائحة طيبة قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ... (الأعراف 31)، وفي السنة الشريفة (إن الله جميل يجب الجمال) كما أن الأنظمة الوظيفية تطالب الموظف بأن يلتزم بهذا الواجب وجعلته من ضمن معايير تقييمه.
- ألا تُقَصِّر الجهة الإدارية في حقوق موظفيها وأن يكون ديدنها تطبيق العدالة والمساواة بينهم في الترقيات والانتداب والابتعاث والإجازات وغيرها بعيداً عن المحسوبية والذاتية، فذلك مما يدفع الموظف بالإضافة لما ذُكِر آنفاً للعمل بجديه وتحقيق المثالية.
- أن يتحلى الموظف بالنزاهة والبعد عن مواطن الفساد المالي والإداري وبالذات للعاملين في مجال الشئون المالية لأن الموجود بين يديه من عهد أو أموال ليست ملكاً له وإنما هو مؤتمن عليها، فعليه أن، يكون على مستوى المسؤولية وهذه الثقة التي وضعت فيه.
asunaidi@mcs.gov.sa