ثمة كذبة كبيرة أطلقها بعض الاتحاديين وصدقوها وسار خلفها البعض الآخر، تلك هي اعتقاد أن لاعبي فريقهم الكروي الحالي جميعهم مرغوبون ومطلوبون في الأندية الكبيرة والمنافسة، حتى من تقدم منهم في العمر وتجاوز سن الحيوية والعطاء الكروي المقبول! الاتحاد هو الفريق الوحيد منذ سنوات الذي يجدد للاعبيه الذين (شاخوا) كرويا عقودهم الاحترافية لسنوات طويلة و(بشروط) أولئك اللاعبين والمبالغ المالية التي يفرضونها ويطلقها وكلاء أعمالهم، في حين أن الأندية التي تملك (رؤى) فنية وإدارات قوية ونظرة مستقبلية وتعتمد على قواعد وأسس و(مبادئ) معتمدة ومتوارثة ترفض استمرار اللاعبين الذين كبروا في السن وانخفض عطاءهم وحيويتهم، وإن رغبة في استمرار أحدهم تجدد له بشروط النادي وما يقدمه من مبالغ ولعام واحد فقط وإلا فإن على اللاعب إما أن يعتزل أو يغادر إلى نادٍ آخر، وهناك أمثلة كثيرة في الهلال والأهلي والنصر والشباب، لعل أقربها ما يحدث حاليا في النصر مع سعد الحارثي، حيث يرفض النادي التجديد له إلا بشروطه ولعام واحد فقط، وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى التي لا تجد مثلها في الإدارات الاتحادية إطلاقا، وكأنها إدارات تتوارث (الضعف) في هذا المجال، حتى أن الإدارة الحالية إدارة (اللواء العسكري) لا يبدو أنها ستختلف في هذا الاتجاه عن سابقاتها، ولعل موقفها (العاطفي) والضعيف من القرار الفني الجريء من مدرب الفريق السيد ديمتري مع اللاعب مناف أبوشقير أكبر دليل على ذلك، ففي الوقت الذي أعلن المدرب قراره وأخذ موقفه بعدم احتياجه للاعب هذا الموسم (خذلته) الإدارة بموقفها الضعيف وتصريحاتها العاطفية المحبطة ووقوفها في صف اللاعب وسعيها إلى مراضاته ، وذلك خوفا من (عروض) مزعومة، وجماهيرية غير موجودة، للاعب تجاوز الثانية والثلاثين، وهو موقف سلبي مبكر يسجل على الإدارة لأنه ينم عن ضعف ولا يأتي إطلاقا لمصلحة الفريق، وفيه استمرار لخطأ متوارث لست أدري متى يتوقف وما يساهم في الموقف السلبي المتوارث للإدارات الاتحادية في هذا الشأن اعتقاد بعض الرؤساء الخاطئ أن مغادرة لاعب صفوف الفريق في عهده جريمة بحق الفريق، حتى إذا كان اللاعب بقاءه سيحوله إلى (عالة) على الفريق أو إلى (عبل) على دكة البدلاء كما هو الحال مع أكثر من لاعب حاليا، ويساهم بعض الصحفيين الاتحاديين (العاطفيين) وعشاق النجوم وبعض الصحفيين الميدانيين والمبتدئين في الموضوع من خلال الترويج بأبار كاذبة وغير حقيقية عن عروض وهمية يزعمون تلقي بعض اللاعبين لها وهي في حقيقتها غالبا ليست سوى (كذبة أخرى) وأساليب ضغط على الإدارة (بعضها مدفوعة الثمن) واستغلال عاطفة البعض وضعف البعض الآخر للأخذ بقرار الاستمرار للاعبين تخطوا سن الحيوية والعطاء وهو ما وقع فيه أكثر من رئيس خلال السنوات الماضية ورفع ذلك معدل عمر لاعبي الفريق إلى أكثر من واحد وثلاثين عاما ولا يبدو في الأفق القريب أن ذلك سينتهي أو حتى يتوقف، وقد لا يحدث قبل أن يتحول الفريق إلى ما يشبه (دار العجزة) للاعبين!
كلام مشفر
الإدارات القوية لا تتعامل مع المواقف بضعف أو بعاطفة وإنما تأخذ القرار القوي الذي فيه مصلحة الفريق أيا كان اسم اللاعب وتاريخه ونجوميته، وهناك الكثير من الأمثلة والشواهد على ذلك.
من أقرب الأمثلة قرار إدارة النادي الأهلي الموسم قبل الماضي مع الكابتن حسين عبد الغني عندما رفضت عودته إلى الفريق وقررت الاستغناء عنه وهي استغنت أيضا عن أسماء أخرى مثل منصور النجعي.
ومن أقوى الأمثلة قرار إدارة نادي الهلال مع الكابتن محمد الدعيع ورفض استمراره بعد نهاية الموسم قبل الماضي وموقفها أيضا من لاعب المحور عمر الغامدي والموافقة على انتقاله، رغم أنه انتقل إلى نادٍ منافس، وهناك لاعبون آخرون تخلى عنهم الهلال عندما دخلوا سن التقدم رغم تاريخهم الحافل مثل عبد العزيز الخثران والمفرج وغيرهم.
ورغم ذلك يواصل الهلال والأهلي تحقيق البطولات، وتقاسما بطولات الموسم الماضي الهلال بثنائية الدوري وكأس سمو ولي العهد والأهلي كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، مما يعني أن التفوق والنجاح للحيوية والكسب للروح والفاعلية، ولا قيمة للخبرة التي بلا عطاء ولا طموح.
في موقف الكابتن مناف أبوشقير مع المدرب ديمتري سمعنا صوت وتصريحات العاطفة ولم نستمع لرأي (اللجنة الفنية) التي تم تشكيلها للنظر في الأمور الفنية ومستقبل الفريق من اللاعبين، ويبدو أن صوتها اختفى أمام سطوة العاطفة والتعصب الأعمى.
مع اختيارات ريكارد مدرب المنتخب الوطني حضرت أيضا قوة القرار الإداري و(دعم) المدرب وتأييد موقفه من أجل المصلحة العامة، وعدم الاكتراث لأصوات العاطفة والتعصب الأعمى.
وبالمناسبة اختيارات ريكارد تجعل كثيرين يزداد تفاؤلهم في انتظار منتخب يمتاز بالجماعية واللعب من لمسة واحدة والسرعة في نقل الكرة والسرعة في الارتداد والتنقل بدون كرة، والاعتماد على (روح الفريق الواحد)، والأهم من ذلك (الانضباط التكتيكي) ولعله يصنع من المنتخب السعودي (طاحونة آسيوية).