Wednesday  24/08/2011/2011 Issue 14209

الاربعاء 24 رمضان 1432  العدد  14209

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

مكافأة نهاية الخدمة.. (دار العجزة)..

رجوع

 

قرأت في الجزيرة عن الصدقات والزكوات والتبرعات في شهر الخير شهر رمضان ومن تلك التي كان لها نصيب (دار العجزة) أو دار المسنين والتي وللأسف تضم العشرات بل المئات من كبار السن الذين تخلى عنهم أبناؤهم فالوالدان هم رمز الحب والعطاء وهم معنى الاهتمام والحرص على الأبناء ومهما بحث الابن عن الحب فلن يجد مطلقاً حباً كحب الوالدين له لأن حبهم فطري غريزي بلا سبب وبلا مقابل وبلا حدود وبلا حسبان، حب فياض مليء بالحنان هذا الحب الذي لا ينتهي ولا ينفذ مع مر الزمان وقد يكون هو الحب الوحيد الذي يحصل عليه المرء في حياته ولذلك نجد الشرع وصى على الوالدين وعظم من حقهم فقد قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (23) سورة الإسراء، وقد وضع أهمية بر الوالدي بعد أهمية وحدانيته فالأم تتحمل آلام الولادة لتجعل له نصيباً في هذه الدنيا وتهتم به منذ الصغر حتى الكبر وتهتم به وتسهر على راحته وتتألم إن مسه الضر وتبذل كل ما في وسعها لنجعله أسعد البشر والأب يكافح ويشقى من أجل ابنه ليحيا حياة طيبة ويعيش عيشة هنية ولا نهاية للكلام إن تكلمنا عن الأم والأب وما يبذلونه من رعاية وخدمة أبنائهم وتوفير سبل الراحة لهم.

ولكن ما نهاية هذا الحب وهذه الخدمة والعطاء عند بعض الأبناء؟ إنها دار العجزة والمسنين وكأن هذا هو الأجر المناسب عن كل هذه السنين فهل هذه هي المكافأة التي يكافئ بها الأبناء عن حب والديهم لهم هذه هي المكافأة أم هذه هي المفاجأة التي يفاجئ بها الوالدين أو أحدهما وكأن هذا عرفان للجميل ورد للمعروف الكبير، فبدلاً من مراعاة الوالدين في الكبر وبرهما وخدمتهما وطاعتهما وتلبية احتياجاتهما قبل أن يأمروهما بها يضعونهما في دار المسنين، فأين قلوب هؤلاء الأبناء اتحجرت أم أصبحت كالهشيم فتلك الدار تخفي خلف جدرانها قصصاً يتأنى لها الجبين.

شكوى وطلب للرحمة وتحمل دموعاً ما أصعبها من دموع هذه الدار اجتمع فيها كثير من الأمهات والآباء الذين تختلف قصصهم مع أبنائهم ولكنهم اجمعوا على أن هذا المكان أجمل من قلوب أبنائهم التي لم يكن فيها مكاناً لهم، إن هذا المكان يوفر لهم الأنس بدلاً من الوحدة ويوفر لهم الرعاية والخدمة التي هم بحاجة إليها ولكن هذا المكان لا يوفر لهم أبناء ولا يعوضهم عن حنان أبنائهم وما كانوا يتوقعونه منهم لم يكن هذا المكان كافياً ليملأ عاطفة الوالدين وما يفتقدونه من حب أبنائهم لهم، هذا المكان لا يستطيع أن يصلح الكسرة التي تصيب قلب كل والد أو والدة عند تسليمهم لهذه الدار بطريقة موحشة ولا أعلم ما هو شعور الأبناء حينما يسلمون آباءهم أو أمهاتهم لتلك الدار، أهناك شعور أصلاً أم نحن في دنيا اللاشعور؟! وما هو السبب والداعي لفعل ذلك؟ مهما بلغ ذلك الدافع ليبرر هذا الفعل المشين؟ فماذا فعل إسماعيل مع أبيه إبراهيم عليهم السلام عندما قال له إنه رأى في المنام أنه يذبحه هل صاح في وجهه؟ هل ضربه ودافع عن نفسه؟ هل اتهمه بالجنون أو الشيخوخة؟ هل أخذه إلى مصحة أو دار المسنين ماذا رد عليه وماذا تفعل أنت لو كنت مكانه؟ قال تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (102) سورة الصافات. فأين نحن منه؟

فبعض شبابنا تخلوا عن آبائهم أو أمهاتهم لدار المسنين فمن منا يستطيع أن يقدر ما يعانيه الوالدان من الأسى والحزن فتلك مكافأة نهاية خدمتهم فعندما كبروا ولم يقدروا على الخدمة وبحاجة لمن يخدمهم تخلوا عنهم أبناؤهم لأقرب دار مسنين فمن يجبر الخواطر المكسورة ومن يداوي القلوب المجروحة لهؤلاء الأمهات والآباء ومن يخفف عنهم هذه المفاجأة ويمسح دمعتهم البائسة.

قال تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} سورة الإسراء (23 - 24). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنفه رغم انفه من بلغ والديه عند كبرهم ولم يدخل الجنة).

إيناس سمير الصعيدي

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة