ما هذا العبث الإسرائيلي، إن إسرائيل تلعب بالنار وهي تقتل خمسة من عناصر الأمن المصري بدم بارد، فالبلدان المجاورة لها شعوبها التي تعيش ثورات على أنظمتها، وإسرائيل وهي تضع نفسها في هذه الزاوية فإنها لا تضع نفسها مع الحكومات العميلة أو الحكومات المستكينة بل إنها تضع نفسها على حافة جرف الهاوية مع الشعوب غير الراضية عما تفعله إسرائيل في غزة والفلسطينيين. الواضح تماماً أن الغرور اليهودي لا يتوقف، ولا شك أنه خاسر تماماً فهو محاط بمعصم الشعوب العربية، وأي محاولة استفزاز في هذا الوقت هو نذير شؤم على الدولة الصهيونية. هذا كله من جانب، والجانب الآخر هو اختبار قوي جداً للحكومة المصرية الجديدة وتحديداً للمجلس العسكري الحاكم والذي لا يزال هناك من يطالب بتغييره هو الآخر باعتبار أنه أحد أفراد الحرس القديم للرئيس المصري السجين حسني مبارك.
إذن هذا التصرف الصبياني الإسرائيلي يكاد يكون قشة قد تقصم ظهر البعير اليهودي، فالشعب المصري كان هائجاً من أن يُقتل أحد أبناء شعبه على يد الشرطة المصرية فكيف عندما يحدث هذا من دولة عدوة على قلوبنا جميعا، إن إسرائيل -وهذا الذي يبدو- لم تفهم الثورات العربية جيداً، فهدير الشعوب كالماء، ناعم ولطيف وسهل التحكم به في وضعه الطبيعي ولكن عندما يتحول الماء لطوفان ويتحرك الغضب فلا حكومة ولا جيش ولا أمن ولا سلاح يمكن أن يقف في وجه الشعوب. والدولة العبرية لم تحترم الحكومات العربية فهي لا تزال تحافظ على أمنها بل لا تزال تفكر بعقلية العنتريات والهيمنة الأمريكية على المنطقة، والذي يتضح أن هذه الفكرة في طريقها للزوال بفضل الشعوب التي صارت تقرر مصيرها بنفسها وتختار حاكمها فثورة الجوع والظلم والاستبداد قد أذنت بتحول كبير جداً في المنطقة والله وحده يعلم إلى أين تتجه.
على الدولة العبرية أن تتعامل مع الحدود العربية والحكومات والشعوب بكثير من الاحترام، وتقدير الموقف بأكثر جدية، وإلا فإن الطوفان الذي يتحرك في الشعوب لن يقف على حدودها بل ربما يصيبها بعضه أو كله-وهذا ما أتمناه وأنتظره- والإسرائيليون وإن كانوا أذكياء بما يكفي لكن ربما طغيانهم السياسي والدعم الأمريكي غير المحدود يجعلهم يفكرون بعقلية القوي الذي لا يُهزم، تلك التي يمكن أن تأتي بمقتلِ فيهم، والبركة في الشباب العربي الذي -بإذن الله- ستكون وجهته المقبلة الصلاة في القدس المحتلة.
المصريون اليوم في غضب شديد، وحتى إن كان نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي الدكتور علي السلمي قد طالب إسرائيل بالاعتذار وتقديم الضمانات لعدم تكرار هذا الفعل الإجرامي مستقبلاً، فبرأيي الشخصي أن هذا لا يكفي بل يجب أن تقدم ما يقنع الشعب المصري والأمة العربية، وتقدم القتلة للمحاكمة العسكرية وتأخذ العدالة مجراها، وأن يكون جزاءهم كما لو قتل أحدهم عسكرياً إسرائيلي. فهذا أقل ما يمكن أن يتم بين دولة وأخرى تربطهما معاهدة سلام! وإسرائيل أكثر دولة تطالب باحترام معاهدتها باعتبار أنها الدولة الصغيرة بين الدولة العربية، مع ذلك لديها الجرأة على كسر هذه المعاهدة بكل وقاحة! ولعل المصريين وهم يرفعون العلم المصري على السفارة الإسرائيلية في القاهرة بأنهم يرسلون إشارة واضحة، أن عرب ما قبل 2011 قد ذهبوا إلى غير رجعة.
www.salmogren.net