|
بقلم - تيريزا أمابايل وستيفن كرامر(*):
من بين كافة العوامل التي تسهم في إبقاء الأفراد ملتزمين بأعمالهم، يتصدّر اعتقادهم بإحراز تقدم مستمر اللائحة من حيث الأهمية – سواء كان هذا التقدم كبيراً أو صغيراً. وهذا هو يُعرَف اليوم بـ»مبدأ التقدّم»، وهي نظرية كشفنا عنها خلال تنقيبنا في ما يقارب 12 ألف مفكرة عمل يومية جمعناها في إطار البحث الذي أعددناه.
وإنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه التقدم في الحفاظ على الحافز هو أولى الأسرار التي لا بد أن يدركها مصمم ألعاب الفيديو، باعتبار أن مؤشرات التقدّم الثابت هي جزء مما يبقي الأفراد متعلقين بألعاب الفيديو. وتُظهِر كافة الألعاب تقريباً «خطوط التقدّم» على الشاشة طوال مدّة اللعبة. وتمثّل هذه الخطوط مؤشراً ملموساً على مدى اقتراب أحد اللاعبين من الوصول إلى المستوى التالي في اللعبة أو الخطوة التالية ضمن المستوى نفسه.
وتماماً مثل مصممي ألعاب الفيديو الجيدين، يدرك المدراء الفعّالون بحق كيفية تنمية حسّ مستمر بالتقدّم لدى العاملين معهم. وفي سياق بحثنا، عثرنا على شركة واحدة – ندعوها باسم «أو ريلي كوتيد ماتيريالز» (O’Reily Coated Materials) حيث يطبق المسؤولون باستمرار مبدأ التقدّم، وبالتحديد التقنيات الثلاث التالية:
1.أبقوا تقدّمكم اليومي مدرجاً في جدول أعمالكم الفكري. فأولى الخطوات التي ينبغي على الشركات اتخاذها تكمن في دعم التقدم اليومي من خلال إرساء «مناخ اهتمام». وهذا تماماً ما كانت عليه الأمور في «أو ريلي» التي شهدنا فيها تركيز الجميع على العمل بحد ذاته وكيفية تسهيل مسيرة التقدّم. هذا وقد أسهمت معظم اجتماعات مراجعة المشاريع، حيث عمد كبار المدراء إلى توجيه أسئلة صعبة إلى أعضاء فريق العمل، في تكوين المشاريع بشكل بناء ودفعها نحو الأفضل.
2.ابحثوا عن أدنى المكاسب رغم الانتكاسات. فعمل تطوير المنتج الجديد الذي تقوم به الفرق التي شملها بحثنا كان غايةً في الصعوبة من الناحية التقنية، وقد عانت من انتكاسات متكررة. إلا أن مدراء «أو ريلي» أقاموا مناخاً آمناً لا يخشى فيه الناس من العقاب في حال اعترافهم بأخطائهم أو فشلهم.
3.الإقرار بالتقدم سواء كان هامشه كبير أو صغير. ففي «أو ريلي» مثلاً تعقد معظم الفرق المعنية بتطوير المنتجات اجتماعات أسبوعية مخصصة لتحديد التقدّم الذي تم إحرازه في إطار المسعى لتحقيق الأهداف، واستقاء العِبَر من الانتكاسات، والقيام بأي عمليات تصحيح ضرورية للمسار المتّبع. وغالباً ما كان التقدم العام لكل فريق ضئيلاً، ولكنّ المسؤولين ما لبثوا أن ساعدوا رغم ذلك العلماء والتقنيين في فريقهم على إدراك الطريقة التي كانوا يتقدّمون بها. وإنّ مثل هذه الاحتفالات البسيطة بالتقدّم المُحرز كان لها المساهمة الأكبر في إبقاء الجميع ملتزماً في مشاريع طويلة الأمد ومحبطة.
(تيريزا أمابايل هي أستاذة في مجال إدارة الأعمال لدى كلية الأعمال التابعة لجامعة «هارفرد» (Harvard Business School)، وستيفن كرامر هو عالم نفسي وباحث مستقل، وقد عملا معاً على تأليف كتاب «The Progress Principle» (مبدأ التقدّم»).