موسم الرطب التمور يعد من أهم المواسم التي يتفاعل معها مجتمعنا، وهو بمثابة الذاكرة التي نسترجع من خلالها عطاء النخلة للإنسان، فهو العطاء الذي يمكن لنا أن نفاخر فيه، ونستطيع أن نتميز من خلاله بين الشعوب بحكم العلاقة التاريخية بين ابن الجزيرة والنخلة ومواسمها.
الرطب أو التمر بات هو الحكاية الصادقة التي تروي بقاء أبناء الجزيرة العربية قبل النفط، وبعده بات رمزاً لا زلنا نتفاعل معه حتى اليوم، ولاسيما وأن القرآن الكريم يذكرنا بفضيلة التعلق بالنخلة في أكثر من موضع، ويصف لنا الحديث الشريف هذه العلاقة الأزلية بقول الرسول صلى الله عليه وسلم): أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خُلقت من فضلة طينة أبيكم آدم).
فالنخلة عهد عنها العطاء بسخاء حتى وإن لم يتم سقيها، أو رعايتها، فهي تعتمد على ذاتها وتكيف وجودها مع محيطها، ولها أن تعيش حتى إن كانت بين الجبال الصماء، أو في أعماق الرمال القاحلة، أو قرب البحر ومائه الأجاج.
ومناسبة الحديث هنا هو موسم (الرطب) و(التمر) هذه الأيام، حيث يحتاج المزارعون والموردون والباعة إلى حسن تدبير واهتمام، وتكاتف في الجهود من أجل استكمال منظومة العمل الاستثماري فيه، على نحو التسويق الجيد، والاستيعاب المتكافئ لكل الإنتاج من مختلف المناطق.
فقد يصدم بعض مزارعي النخيل من قبل بعض الموردين والمصنعين حينما تمارس انتقائية في طلب بعض الأصناف على حساب أصناف أخرى، وذلك من قبيل التظاهر بالحرص على نوعيات محددة من الرطب التمور، وهذا ما يعطل مسيرة الإنتاج المألوف والمحدود من الأصناف غير المعروفة.
الأمر المهم في موسم الرطب والتمور هذا العام على وجه التحديد هو وعيد بعض التجار والموردين بوضع أسعار مرتفعة، كما أن هناك ترقبا من صغار المزارعين بأن هناك مبالغة ما في فرز نوعيات معينة من الرطب والتمور على حساب نوعيات أخرى، وهذا الفرز الانتقائي لا يخدم إلا نوعية من المنتجين وغالباً ما يكونون هم التاجر.
في الأعوام السابقة كان هناك كساد واضح في سوق الرطب والتمور في الكثير من الأسواق لينا، فمن المهم أن تلتفت الجهات المعنية في شأن التصنيع إلى كل الإنتاج وتصريفه بطريقة عملية.
وكذلك أهمية طلب الجهات التي ترعى العمل الخيري لجميع أنواع التمور لتجهيزها والاستفادة منها في أعمال الخير في الداخل والخارج، فهو المشروع المربح الذي يتم من خلاله استيعاب الإنتاج لعله يقلل من مصيبة الكساد، ويخدم المحتاجين في بلاد كثيرة.
hrbda2000@hotmail.com