في كتب التراجم والحديث عن الشخصيات المثقفة الكبيرة يقولون في وصف علمه وثقافته (فلان يغرف من بحر) أي أن علمه ضخم جداً بحجم البحر، وأنه حين يتحدث أو يكتب كأنما يغرف من بحر وكل هذا المثل والتشبيه إنما هو للدلالة على حجم علمه، ومثل هذا المثل حين يقال عن شخص أنه (بحر لا تكدره الدلاء) والدلاء جمع دلو (سطل بالعامي) أيّ أنه كالبحر الذي مهما سحبنا منه لا يتأثر ولا ينقص ما لديه من علم، فعلمه غزير بحجم البحر وبالتالي البحر لا يتأثر بدلو يسحب منه.
سقت هذين المثالين للقارئ الكريم لأوضح أن جمهور العلماء والمثقفين في عصور مضت هم من يصدق عليهم أنهم لا يتصدون للكتابة والتوجيه إلا وقد وصلوا لمرحلة التشبع العلمي والثقافي على الأقل في تخصصهم.
وبطبيعة الحال لست أطلب ممن يتصدى للكتابة الثقافية أن يغرف من بحر أو نهر لكن المطلوب من شريحة كبيرة من المتصدين للمشهد الثقافي أن يكون لديهم الحد الأدنى من القدرة على الاستمرار في الكتابة.
وحتى يغرف أحدنا من بحر أو نهر أو على الأقل من بئر! يجب عليه أن لا يتوقف عن وضع جدول منتظم لتزويد نفسه بالعلم والمعرفة والثقافة.
tyty88@gawab.comفاكس 2333738