نتساءل كيف تتعاطى روسيا على هذا النحو مع القضايا العربية ومع الثورات الراهنة، خصوصا تلك التي أخذت بعداً دولياً للتدخل في حمل دكتاتور على التنحي رحمة بشعبه وقومه وحماية لهم.
ها هي تقف ضد الإنسان العربي، ولم تتدخل لدى الأنظمة - القمعية - التي ترتبط معها بعلاقات مصالح اقتصادية وسياسية لوقف العنف والقتل أو حتى النصح الفعال.
صحيح أن لديها مصالحها وحساباتها الخاصة، لكن روسيا غير الاتحاد السوفيتي أيضاً، لها مدارها الجغرافي المحدود، كما تواجه إشكاليات داخلية في نظامها السياسي والاقتصادي، إضافة إلى الجانب الأمني في مناطق نفوذها السياسي.
ميخائيل غورباتشوف اتهم رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين «بإخصاء» النظام الديمقراطي الانتخابي، مطالبا بوتين بأن لا يترشح لفترة رئاسية جديدة.
قصتها مع عراق صدام حسين تتكرر بشكل فاضح في مواقفها.
كاد معمر القذافي أن يرتكب مذبحة في بنغازي، وأن يفعل ذلك في أكثر من مدينة ليبية، بينما كانت موسكو ضد أي إدانة للعمليات العسكرية لقوات القذافي، وتعارض تدخل قوات الناتو لحماية المدنيين، وإعاقة مستمرة لأي قرار أممي.
اليوم تجد أن في طلب أمريكا، ثم الاتحاد الأوربي لبشار الأسد بالتنحي أمرا غير مقبول، وتطلب منح الوقت لجهوده الإصلاحية، بينما تستمر الخارجية الروسية تدعو النظام والمعارضة إيقاف العنف!
طبعا لروسيا علاقات تجارية كبيرة مع إيران، في مقدمتها دعم البرنامج النووي الإيراني، فالإيرانيون يضغطون حينما يأتي الموضوع حول سورية، حيث إن سقوط نظام بشار الأسد سيكون بمثابة تطويق لتأثيرهم في المنطقة، وإعادتهم إلى الإطار الطبيعي داخل الأراضي الإيرانية.
تاريخياً لم تفلح روسيا في حماية مصالحها بشكل جيد في مواجهة متغيرات عدة، ولم توفق في خدمة أنظمة تحالفت معها، وتاريخها السابق حكم الإنسان بالنار والحديد، وهو إرث لم تستطع التخلص منه بعد. وفي السياسة الدولية تبقى في حدود دور مفاوض اللحظة الأخيرة، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل الدخول في التوافق أو الصمت.
اليوم مصالحها الوقتية تأتي على حساب دم المواطن العربي، والواضح أن النظر القاصر يقود إلى خسارة موسكو للمنطقة العربية، أمام طلاب وجماهير الكرامة والحرية والمدنية في الشارع العربي وربيعه.
لا توجد دولة عاقلة وراشدة يمكن أن تتحالف أو تراهن على حمايتها أو فعالية دورها، كما لا يوجد مواطن عربي إلا ويتساءل، إلى متى تتعاطف روسيا مع كل دكتاتور يقتل شعباً أعزل ؟