يرتفع بكاء النساء في الطابق العلوي من الجامع الكبير والإمام يدعو: اللهم عليك بحزب البعث وأعوانه، لقد أدهشني أن النساء اللاتي كن قبل سنوات يعلو بكاؤهن كثيرا مع دعاء الإمام بصلاح الزوجات وسلامة النساء من تربص التغريب والتحرير -دهشت - أنهن يبكين بحرقة أكثر تفاعلا مع الأحداث السياسية. ثم يرددن آمين مع كل دعوة على القذافي وعلى الأسد قاتلي شعبيهما.
قادني الفضول حين أنهيت صلاتي إلى أن ألقي نظرة على صفوف النسوة الباكيات فإذا المسجد يمتلئ بنساء مثل اللاتي أراهن في الحياة العامة، نساء شابات أو على الأقل لا تظهر عليهن علامات (القواعد من النساء)!
حمدت لإمام المسجد الذي أصلي فيه أنه سخر قنوته وابتهالاته في هذه الليالي المباركة للقضايا الكبرى ولم ينشغل مثل غيره بالدعاء على طاش وعلى العلمانيين التغريبيين والكليشهات الجاهزة سنويا ؟!.
المسجد مؤسسة تعكس ثقافة الإمام ووعي المصلين ومستواهم الفكري ووعيهم بمسئولياتهم المجتمعية والدينية.
رمضان هو الشهر الوحيد الذي تشعر فيه المرأة بشراكتها المجتمعية والدينية، فلماذا لا يسمح للنساء بحضور خطبتي وصلاة الجمعة في المساجد والاستفادة من الأقسام النسائية المجهزة في هذه المساجد والتي تظل مهدرة بالإغلاق طوال السنة بانتظار مجيء رمضان. وهو أمر ليس بجديد فهو من المألوف في كثير من البلدان الإسلامية والمراكز الإسلامية في أوروبا وأمريكا.
إن ذلك مدعاة لإدماج المرأة في مجتمعها وقضاياه ورفع مستواها الفكري وشعورها بأنها جزء لا يتجزأ من التكوين الديني والثقافي بدلا من هذه العزلة التي جعلت كثيرا من النساء سطحيات استهلاكيات لا تشغلهن إلا قضايا التنافس مع القريبات والصديقات في المظاهر، حديثهن لا يبتعد عن هذا إلا للوقوع في نميمة الخادمات أو الاستماع لمحاضرات فضل خضوع وخنوع الزوجات للأزواج!!.
f.f.alotaibi@hotmail.com