نظريــة اختبارات القيــاس والتقــويم مهمــا كانت فــوائدها، فإن الجميع يجمع عـلى مضارهـا، ويبدو أنّ المركز الوطني للقياس والتقييم والذي حدد الأهداف لهذه الاختبارات، لم يتوقع على الإطلاق ما يعاني منه الطلبة والطالبات، ولم يكن يعرف بأن هذه النظرية مع العدد الكبير من الجامعات وعدد الخريجين قد تجاوزها الزمن وأنه بإمكان الجامعات السعودية احتواء كل الطلبة من الجنسين.
إنّ كثيراً من أبناء الوطن وبعد الآمال العريضة والتخطيط للمستقبل وتكوين أسرة والمساهمة في رفعة الوطن وخدمته، أصبحت آمالهم وآمال أولياء أمورهم في مهب الريح، فالطالب الذي يتخرّج من الثانوية العامة يصل عمره على أقل تقدير 18 عاماً قضى منها 12 عاماً على مقاعد الدراسة ابتدائي ومتوسط وثانوي، وحتى لو كانت نسبته مرتفعة، فإن اختبارات القياس والتقويم تمثل عائقاً مهماً أمام تحقيق تطلعاته وحصوله على القبول في الجامعات والكليات العسكرية، هذا علاوة على أن النسبة في الصف الأول ثانوي والثاني ثانوي وهي شهادات نقل كما يعرف الجميع، محسوبة نتائجها له أو عليه، فمن غير المعقول أن كل عناء هذه السنين يذهب خلال ساعة من الزمن، علماً أن الطالب ومن خلال مراحل التعليم لم يتلق أي درس له علاقة بالقياس والقدرات، وأن وزارة التربية والتعليم لم تضع مناهج خاصة لهذه النظرية، والطالب مهما كانت ثقافته واطلاعه لا يمكن أن يشغل نفسه بغير ما هو مقرر وان هذه الأسئلة لم يسمع عنها طيلة حياته. ولو كانت هذه الأسئلة ضمن المقررات الدراسية ويتم إلزام الطالب بمعرفتها وتخصيص حصص للثقافة والمعلومات العامة ولا يتم نجاح الطالب إلا بعد تجاوزها، وتكون ضمن مواد الاختبارات الشهرية والنهائية، لأصبح الأمر يسيراً على الجميع، ولهذا فإن هذه الأسئلة المفاجئة أكبر من تفكير الطالب!! ولو عدنا إلى الوراء فإن رجال الدولة والفكر والأدب في بلادنا لا يعرفون القياس ولا التقويم، وها هم يساهمون في خدمة الوطن بكل أمانة واقتدار، وما دام إن هموم الناس تمثل أولوية كبرى وهامة في عقول ومشاعر ولاة الأمر نصرهم الله، فإن إلغاء هذه النظرية مطلب ملح من الطلبة والطالبات وأولياء الأمور، لأن من شأن ذلك إتاحة الفرصة للجميع للتألق والإبداع في المراحل العلمية العليا، فهل نجد التجاوب وإسعاد أبناء الوطن؟.