من فضل الله علينا ورحمته أن جعل شهر رمضان واحة إيمان فيه من المنح الإلهية ما تغفر به الذنوب وتضاعف الحسنات وترفع الدرجات، وفيه العتق من النيران والفوز بالجنان.
فهو شهر إيمان واستقامة على دين الله، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}البقرة 185، فيزيد الإيمان وتتنوع عبادات القلوب والجوارح وهذا يفضي إلى استقامة العبد وأن يكون من أولياء الله المتقين، قال جلَّ وعلا: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
فمن حقق الإيمان والتقوى فهو من أولياء الله الذين لا خوف عليهم فيما يُستقبَل ولا هم يحزنون على ما فاتهم.. ولا خوف عليهم من العذاب فهم في حفظ الله جلَّ وعلا، ولا هم يحزنون فقلوبهم فرحة برحمة الله ورضوانه ورضاه جلَّ وعلا.
عن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك.. قال: (قل: آمنت بالله ثم استقم) رواه مسلم.
فالإيمان قول وعمل واعتقاد، وشهر رمضان فيه من تنوع العبادات وتباعد الملهيات والمغريات والصوارف ما يهيئ للصادق تجديد إيمانه وتقويته واستقامة العبد على ذلك.
وأعظم مراتب الإيمان تحقيق التوحيد وتحقيق العبودية لله جلَّ وعلا، بأن تُصرف العبادات لله سبحانه ولا تتعلق القلوب بغيره وأن يتبرأ العبد المؤمن من الشرك بأن يخلص العبادة لله ولا يصرفها لغيره سبحانه وتعالى، فكما أن العبد يصلي لله ويسجد لله كذلك لا يدعو إلا الله ولا يذبح إلا لله، ولا يستغيث أو يستعين إلا بالله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ولا يدعو الموتى ولا يجعلهم شفعاء ووسطاء. قال تعالى: (). ففي شهر رمضان يتوجب تأكيد أصل الإيمان في النفوس، وإذا صحّ الإيمان استقام العبد وقبلت العبادة وضاعف الله الحسنات وغفر السيئات.
سأل أبو هريرة - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم: أي الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قبله).
ثم إن تنوع العبادات في هذا الشهر الكريم فرصة للعبد أن يستكثر من الخير ومن الحسنات وأعظم الحسنات أداء الواجبات والفرائض.
قال سيد الورى - صلى الله عليه وسلم - عن ربه جلَّ وعلا: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
وأداء الحقوق الواجبة للخلق ثم الاستكثار من النوافل والصدقات والخيرات من صلة الأرحام ومساعدة المحتاجين والإكثار من قراءة القرآن وغيرها من أعمال الخير المتوفرة.
الرياض