Friday  19/08/2011/2011 Issue 14204

الجمعة 19 رمضان 1432  العدد  14204

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

تعظيم النصوص الشرعية
عبدالله بن عبدالرحمن الشثري

رجوع

 

المؤمن يرضى ويُسَلِّم أمام أدلة الشرع، فذلك دليل قوةِ الإيمان، وتمام الإذعان، وكمال العبودية لله تعالى، كما قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وقال جل ذكره: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب: 36].

* وقد أدب الله المؤمنين إذا جاءهم الأمر عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات: 1] فالمؤمنون يسيرون خلف أمر الله متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورهم وأحوالهم معظمين للأدلة عاملين بها، فإذا استبانت لهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب عليهم اتباعها وتقديمها على غيرها كائنًا من كان.

* وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يُعظمون أدلة الشرع، ويقفون عندها، ولا يتعدونها إلى غيرها، فقد ثبت من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:» الحياء لا يأتي إلا بخير»( ) فقال كعب بن بشير: إنه مكتوب في الحكمة، أن منه وقارًا ومنه سيكنه، فقال عمران: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن صحفك. فلا يسوغ أن يأتي إنسان بمقال أو رأي يضاهي به قول النبي صلى الله عليه وسلم، أو يعترض عليه بما يخالفه، لأنه قد ورد وعيد شديد في هذا في قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 3].

* قال ابن بطال( ): وإنما غضب عِمران بن حصين، لأن بُشَير بن كعب حدثه عن صحيفته، فيما كان حدثه به عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أصلٌ أن الحجة إنما هي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يُروى عن كتب الحكمة لأنه لا يُدرى ما في حقيقتها. أهـ.

* وقال القرطبي( ): لم ينكر عمران على بُشَير هذا القول من حيث معناه، وإنما أنكره عليه من حيث إنه أتى به في معرض من يعارض كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام الحكماء، ويقاومه به، ولذلك قال: أحدثك عن رسول الله وتحدثني عن صُحفك، وقيل: إنما أنكره عليه لأنه خاف أن يخلط بالسنة ما ليس منها، فسَدَّ ذريعة ذلك بالإنكار. أهـ.

* وأقوال الصحابة والتابعين في هذا أكثر من أن تحصر، وإنما رغبت في التذكير بهذا الأمر العظيم، تعظيمًا لما ورد من أدلة وأحاديث وآثار في الحث على تعظيم نصوص الشريعة ولزومها والوقوف عندها وعدم تعديها إلى غيرها، فذلك دليل على التقوى والاتباع، وكمال الإيمان والتسليم المطلق لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وقد ذكَّرَ الله نبيه بذلك في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ [الجاثية: 18-19].

والله ولي التوفيق.

* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة