عاشت الرياض المدينة حالة توأمة مع الأمير سلمان بن عبد العزيز. الحب الغامر ربط سلمان بالرياض منذ أن كانت الرياض في خدرها ونواحيها النائية مدينة طينية في قلب صحراء, تسفها رمال الدهناء شرقا، ورمال عريق البلدان شمال، وشفاء حادا سلسلة جبال طويق غربا، ونهايات وبدايات أودية السيح والخرج وهيت وحنيفة والبطحاء جنوبا.
الأمير سلمان أحب الرياض بكل رسوبيات أرضها وذرات رمالها الصفراء الناعمة, أحب بيوتها المتطامنة, وشرفات جدرانها, وأسوارها المشبعة بنباتات الأودية, أحب ناس الرياض الوجوه المحلية والتقليدية أهل عارض طويق وحجر اليمامة, أحب كل تفاصيل الرياض ماضيها حين كان الناس الرحل والمقيمون الحاضرة والبادية وأهل القرى الجبلية والزراعية يأوون إلى الرياض التي شكلت لهم فتحا حضاريا واستقرار لحياة كانت وجلة وموحشة, حينها الشرق العربي كان يعيش على خراب العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
خمسون عاما قضاها الأمير سلمان أميرا للرياض كان يبنيها بفضل الله ثم بفضل الدولة حجرا حجر قبل تدفق النفط في شحناته الاقتصادية, وقبل طفرة التنمية الأولى التي غيرت وجه الرياض.. الأمير سلمان افتتح بواكير المشروعات الأولى وعاش ولادتها : المطار, الوزارات الأولى، الكهرباء، المصفاة، المؤسسات الصحفية، الهيئات الحكومية، الهاتف، المياه، الصرف. وله مع كل مشروع حكاية ومع كل شارع سالفة. سلمان معمار هذه المدينة ودائما يتصف المعماري البارع بحب توأمين: البيئة والناس. ففي الاتجاه الذي عمل فيه الأمير سلمان لبناء الرياض بالأبنية الشاهقة ونقلها من مدينة صحراوية مغمورة وانتشالها من بطاحها وبطحائها وأحيائها والسكن على شفير الشعاب وفي انحناءات الأودية وجيوب الجبال إلى مدينة تتساوى مع المدن العالمية، عمل أيضاً لبناء معمار آخر مع الناس ومجتمع المدينة حتى جعل العلاقات والتواصل مع مجتمع الرياض سمة ميزت سلمان وطمأنت أهل المدينة أن لها عينا لا يرف لها جفن..
خمسون عاما من العطاء جعلت الرياض فخر المدن السعودية الحديثة التي كسرت الحواجز الطبيعية في البدء أخدود وادي حنيفة ثم صفراء وحافة طويق وحافة العرمة وطوع رمال الثمامة وشبكة أودية الخرج والعفجة واحفوريات وكهوف ودحول صلبوخ ليمزج تلك التعقيدات الجيولوجية في صلصال واحد ويبني - بإذن الله - الرياض، ويكيفها لتصبح مدينة اقتصادية ومالية في جغرافية أرض كانت فيما مضى في غرب آسيا ممرا عسرا وصعبا لقوافل القارة الهندية المتجهة إلى مكة المكرمة، ومن إفريقيا باتجاه خليج العرب وبلاد العجم.. سلمان طوع عاملين البيئة والإنسان وجعلهما يتحدان في مسار واحد لصنع الرياض؛ لذا حكاية الأمير سلمان مع الرياض حكاية لا تنتهي، هي من القصص الخالدة التي تروى في التاريخ الحديث فإذا كان لكل مدينة حكاية رجل، فإن رجل الرياض وبطل حكايتها سلمان فلماذا لا نكتب حكاية الأمير سلمان مع الرياض عبر موسوعة توثق البدايات والتطور والمشروعات فالشواهد حاضرة وأبطال العمل على مقاعد الوظيفة والسجل مفتوح.