من الواضح أن النظام القابع في دمشق أصبح خارج السيطرة تماماً، ليس فقط بسبب العجز عن السيطرة على ثورة الناس رغم كل هذا القمع الرهيب، ولكن -أيضاً- خارج السيطرة على نفسه وأفعاله، وردود أفعاله. وهو ما يفضح حقيقته الشائنة في حق أمته.
هل شاهدتم حاكماً يقتل شعبه وهو لا يملك إلا صوته وسلميته؟، وبهذا الكم وتلك الوحشية والدموية؟. هل يوجد نظاماً يكره مواطنيه لهذه الدرجة؟
هل سبق وأن شاهدنا نظاماً يقتل على الهواء مباشرة؟، ويحاصر المدن والقرى والأرياف، ويقتحم البيوت والمساجد؟، ويحول الأحياء إلى ساحة معركة لجيشه؟
ثم على ماذا يراهن النظام؟، هل يراهن على عودة الناس إلى منازلهم بعد أن قتل، وعذّب، وشوّه، ويتّم ورمّل؟، هل يمكن للناس أصلاً أن تأمن العودة إلى بيوتها مرة أخرى، في ظل نظام يتوعد ويهدد وينفذ وعوده بكل أساليب العنف والقمع المتخيلة.
الواضح أننا أمام نظام فقد السيطرة على نفسه، وفقد بوصلة الاتجاهات، بعد أن تخلى عن محيطة الجغرافي والقومي منذ وقت طويل. وهو أمر تظهره بشكل واضح التصريحات الإيرانية، ومحاولة إيصال السلاح الإيراني، لدعم ما تبقى من نظام الأسد بالمزيد من العتاد القمعي، والكذبة الإيرانية المكررة هي دور سوريا وموقعها في المقاومة، وهي تلك الخدعة المكشوفة اليوم، والتي لم تعد الشعوب مستعدة لتعليق أرواحهم ومستقبلهم على شماعتها المزيفة.
بل كيف لمن كان يدعي المقاومة والمسؤولية القومية - أن ينشر فرق الموت ورائحته من مدينة لأخرى، ومن محافظة إلى محافظة تالية، باسم الشبيحة والجيش والقوى الأمنية القمعية، لا يمكن فهم حجم الكراهية التي يبديها نظام لشعبة؟!.
تخيلوا أن الأمن السوري قام السبت الماضي بنبش مقبرة الشهداء التي أقامها الأهالي لدفن الشهداء داخل الحي وتم سحب الجثث منها.
وعند تشييع أحد القتلى، والذي سقط في تشييع قتيل آخر، حاصرهم «الجيش» والشبيحة في المقبرة ومنع التشييع وإخراج الناس للتفتيش في الهويات والاعتقال. وهو مشهد يقول السوريون إنه يحدث تقريباً بشكل يومياً الآن.
طبعاً الجثث هي لمن يقتلهم النظام باستخدام أسلحة متنوعة ومدرعات وقوراب وسيارات أمن مصفحة، حيث استخدم تقريباً كل سلاح ممكن ضد الشعب السوري.
حتى الآن نحو 2100 قتيل و26000 معتَقَل، فيما الجرحى يتركون في العراء بلا عناية..
صحيح أن نظام بشار الأسد يسقط بنفسه للهاوية، وسيدخل التاريخ كأكثر نظام يفني شعبه علانية، لكن لا يفترض ولا يجوز أن يترك لجنونه ودمويته في مواجهة شعب أعزل.