|
المدينة المنورة - مروان عمر قصاص
تشهد المدينة المنورة هذه الأيام إقبال كبير من الزوار من خارج المملكة ومن داخلها حيث يحرص الكثيرون على الاستمتاع بالروحانية الجميلة التي تميز هذه المدينة في مواسم الخير ومنها هذا الشهر الكريم حيث أداء الصلوات في مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم ويتشرفوا بالسلام على سيد الأنام عليه السلام وصاحبيه رضوان الله عليهما في جو مفعم بالطمأنينة والأمن والأمان.
وتتميز المدينة المنورة في هذا الشهر بعادات تقتصر على هذه الأيام المباركة إضافة إلى صور رمضانية متميزة والتي منها كثافة الحركة حول المسجد النبوي الشريف وحدوث تغيرات كبيرة في أوقات وأساليب الطعام والشراب وساعات النوم والسهر وغير ذلك.
ورصدت الجزيرة العديد من العادات من خلال أحاديث مع المواطنين حيث يقول احد كبار السن - عبد الحميد محمد صالح القش أن شهر رمضان بالمدينة المنورة له مميزات كبيرة ولعل وجود المسجد النبوي الشريف هو المحور الهام للأجواء المميزة التي تشهدها المدينة المنورة حيث تجتمع جموع المسلمين من شتى بقاع المعمورة لأداء الصلوات المفروضة وصلاة التراويح في أجواء مهيأة حيث تبذل الجهات المختصة جهودا كبيرة لتوفير أجواء مناسبة تمكن الزوار والمعتمرين من أداء صلواتهم بيسر وسهولة وراحة كبيرة.
ومن الصور الجميلة الرمضانية التي يتذكرها كبار السن (المسحراتي بطبلته الصغيرة) وكان لكل حارة وحي مسحراتي خاص يقوم في الساعات الأخيرة من كل ليلة من ليالي الشهر الكريم بجولة في نطاق حارته حتى لا يدخل في نطاق الحارات الأخرى ويحمل طبلة صغيرة يطرق عليها بدقات مميزة وينشد أهازيج جميلة بصوت شجي ينادي من خلالها المواطنين للقيام من النوم وتناول طعام السحور داعيا الله لهم بالقبول وبسحور هنيء وكان المسحراتي يقوم أحيانا بالطرق على أبواب بعض السكان لإيقاظهم من النوم ويقدم له الأهالي بعض النقود والطعام أو يدعونه لتناول السحور معهم ويستمر المسحراتي بأداء مهمته حتى آخر ليالي الشهر الكريم حيث يقدم له الأهالي (العيدية) وهي عبارة عن ملابس وزكاة الفطر وبعض المال إلا أن هذه الصورة انقرضت وأصبح الناس لا يحتاجون لخدمات المسحراتي مع تطورات العصر وتغير نمط الحياة بالسهر إلى الفجر.
ومن الصور الاجتماعية التي تتميز بها المدينة المنورة أيام شهر رمضان الكريم انتشار موائد الخير حيث تشهد المدينة المنورة خلال الشهر المبارك انتشار الموائد الرمضانية في ساحات المسجد النبوي الشريف وكذا داخل أروقة المسجد وهي متنوعة حيث يكتفي داخل المسجد النبوي الشريف بتقديم التمر والماء والقهوة والخبز فقط للمحافظة على النظافة العامة داخله أما خارج المسجد فإن الموائد المقدمة في الساحات المحيطة بالمسجد تشتمل على العديد من الأطباق المتنوعة وشتى أنواع العصائر والأرز وغير ذلك من الأطباق التي يجتمع حولها المفطرون من العمالة الوافدة والمسافرين والزوار وهذه الموائد يقوم بالصرف عليها أهل الخير من أهل هذه البلاد حباً في كسب الأجر والثواب ويتوارثون تقديمها في نفس الموقع داخل المسجد منذ عهد الآباء والأجداد وتبذل إدارة شؤون المسجد النبوي الشريف جهودا كبيرة لتنظيم هذه الموائد داخل وخارج المسجد وتتولى نظافة الساحات المحيطة بالمسجد بسرعة كبيرة استعدادا لصلاة العشاء.
وتتميز المائدة الرمضانية بالعديد من الأطباق التي تكون سيدة المائدة خلال هذا الشهر بشكل يومي ومنها طبق الفول الذي يعد أشهر الأطباق الرمضانية المميزة عند أهالي المدينة المنورة حيث يعتبرونه سيد المائدة الرمضانية.
وتحرص ربات البيوت في المدينة المنورة على تنويع المائدة الرمضانية وتخصيصها بأطباق متنوعة وخاصة في هذا الشهر ولعل أهم هذه الأطباق «الشوربة» والتي لا تخلو منها أي مائدة في رمضان وهي أنواع وأصناف وأكثرها شهرة شوربة الحب مع اللحم أو مع الصلصة أو مع اللبن أو حتى السادة وكذا شوربة الفريك وشوربة الحريرة والشكنمبة وشوربة الشعيرية ولسان العصفور وغيرها من أنواع المكرونة وشوربة الفريك إضافة إلى المعجنات بأنواعها ومنها السمبوسك وهي أنواع منها البف، والمثلثات، أو الملفوف، والفرني، وكذا اليغموش، المنتو، ومن المعجنات أيضا البريك، المطبق، قاضي قضا، الفرموزا، وجميع هذه الأنواع تتكون من العجين واللحم والمفروم، وهناك من يفضلها بالجبن والخضار وتعد بالقلي أو الخبز بالفرن وكل نوع له مذاق خاص ومتميز.
وللحلويات مكانة هامة في رمضان ومن أشهر الحلويات الكنافة بالجبن والموز والمكسرات والمطبق الحلو بالموز والقشطة واللحوح بالسكر والسمن والبسبوسة وغير ذلك الكثير.