في مجتمعنا أناس وجودهم يعني بهجة الدنيا، وأنس الحياة يضيئون مجالسنا بما يمتلكونه من كريم الخلق، وجميل التواضع «ذكرني بقول العرب» حسن الخلق يوجب المودة «فكان ودودا محبوبا من الجميع»، ومعالي الفريق رئيس الهيئة العامة للمساحة الأستاذ «مريع بن حسن الشهراني « واحد من هؤلاء الذين نسعد لرؤيتهم، ونسر لأخبارهم، صاحب سجل وطني حافل بالعطاء والعمل والنجاحات، منذ تخرجه من كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وتدرجه في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق ثم تعيينه بمرسوم ملكي بدرجة ممتازة رئيسا للهيئة العامة للمساحة في شهر المحرم من عام 1429هـ، وهو يؤدي مهامه وسط إعجاب الجميع بدوره، رجل عصامي تميز بالاستقامة والمحافظة على أمور دينه منذ سني شبابه، كانت هذه شهادة أترابه الذين أول ما يذكرونه في أحاديثهم حتى يشهدوا بحسن استقامته، وأحد هؤلاء الشهود سيدي الوالد الذي جمعته بمعاليه سنوات طفولة ودراسة، وعمر ممتد من الحب والود والاحترام. كرمه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير مع مجموعة من رجالات الوطن ممن سيخلدون ذكراهم في قلوب الناس نظرا لما قدمه من أعمال خالدة خدمة لدينه ووطنه ونال بذلك درع الوفاء والولاء، وفي تأمل سريع في سيرته فقد تخرج برتبة ملازم من كلية الملك عبد العزيز العسكرية في عام 1377هـ، وعمل ضابطا في سلاح المدفعية ثم معلما في الكلية الحربية وهو برتبة نقيب في عام 1384هـ، ثم تم نقله إلى الكتيبة المدفعية في الأردن حيث كانت القوات السعودية هناك مرابطة في عام1387هـ، وفي عام 1388هـ تم نقله إلى إدارة العمليات ليعمل رئيسا لقسم المساحة، والذي تم تطوير تنظيمه وواجباته في مراحل متتابعة حتى بلغ ما هو عليه اليوم من كيان علمي ومهني قادر على تقديم الخدمة الجغرافية والمساحية للقطاعات العسكرية والمدنية. وله الكثير من المشاركات في لجان دولية وإقليمية، ترأس خلالها وفد المملكة في رسم حدود ووضع علامات.
الذي أثار حبر قلمي لأدون هذه السطور بحق معالي الأستاذ مريع، إننا في مكتب التربية والتعليم بخميس مشيط وأثناء استقبال مجموعة من طلاب الأستاذ محمد أحمد أنور- رحمه الله- أحد رواد التعليم في منطقة عسير في حفل بهيج بمناسبة إهداء أبناء الأستاذ أنور مكتبة والدهم لطلبته بالمحافظة وفاء ومحبة، كان لمعاليه كلمة ضافية رقيقة مليئة بالشجن ومعبقة بالذكرى لسنوات خلت عاشها مع أقرانه حينما كانوا طلبة في المدرسة السعودية بخميس مشيط، تشرفوا بأن درسوا على يد الأستاذ أنور جاء في معرض كلمته بيت الشعر القائل:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
فقطع كلمته ليعلق على هذا البيت الذي يعده كثيرون شاهدا نحويا ما تعلمه من أستاذه أنور عندما كان على مقاعد الدراسة آنذاك، ولم ينس تلك المعلومة رغم مشاغله وتبعات مهامه الوظيفية، وطول العهد بين مرحلة الدراسة، واللحظة التي ذكر فيها قصة الشاهد، فقال: لقد علمنا أستاذنا معلومة لم أنسها وهي جواز نصب الفعل المضارع بعد أو التي بمعنى حتى، بأن مضمرة وجوبا، فكانت هذه الوقفة منه، مثار إعجاب الحضور وخصوصا مشرفي اللغة العربية بالمكتب، الذين أدهشهم هذا الإلمام من معاليه، ولكن لا غرابة أن تصدر هذه اللفتة من رجل وصفه زملاء دراسته بالذكاء واللماح، ولعل الجيل الحاضر من هذه الوقفة «معلمين وطلابا» يتوقفون مثلي عند هذا المشهد ليروا كيف كان المعلم والطالب بالأمس ؟!!
Faya11@maktoob.com