شاهدتُ فيلماً وثائقياً باسم «مخيم عيسى»، يحكي قصة مخيمات صيفية نصرانية في أمريكا، وهذا الفيلم أثار ضجة لما عُرض، لأنه أظهر الأطفال الأمريكان وهم يخضعون لحملات تنصير مكثفة، ويتبع الفيلم امرأة تعمل في هذا المخيم واسمها بيكي. بيكي هذه هي التي تنظّم المخيم وأنشطته، والمخيم يتبع طائفة نصرانية اسمها الإنجيلية، وهي طائفة ضخمة يبلغ تعدادها ربع الشعب الأمريكي أي قرابة 80 مليون شخص، وهي من الطوائف النصرانية، شديدة التعصب للكيان الصهيوني، وتستخدم هذه الطائفة نفوذها للتأثير على السياسة الأمريكية لدعم الدويلة الصهيونية بكل طريقة ممكنة، فمهما عمل اليهود من المجازر والجرائم فهم ملائكة أطهار في نظر هذه الفرقة، ذلك أنهم ينتظرون عودة المسيح ويرون أن من أهم الخطوات هي أن يعود اليهود لبيت المقدس، لذلك لا يدخرون جهداً ولا مالاً لتلميع صورة الدويلة الصهيونية ودعمها في مجلس الأمن والأمم المتحدة، فلما نحر اليهود أهل غزة عام 2008 هرع الإنجيليون للإعلام يدافعون عن اليهود ويلومون المسلمين على المجزرة، وكلما قصف اليهود المسلمين وقتلوا منهم تراقص الإنجيليون طرباً وجعلوا اللوم أيضاً على المسلمين، ومهما كانت الظروف فإنهم قادرون على خداع أنفسهم، فلما قتل اليهود 9 من أسطول الحرية الذي ذهب لمساعدة غزة المنكوبة عام 2010 لم يكن هناك أي تبرير لهذه الجريمة الشنيعة في عقل أي شخص مسلماً كان أو كافراً، وحتى الحكومة الأمريكية المعروفة بعبادتها للدويلة الصهيونية امتنعت عن تأييدهم فوراً، ولكنها تراجعت لاحقاً ومنعت الأمم المتحدة من تشكيل لجنة مستقلة لتقصي حقائق المذبحة، وذلك بفعل ضغوط اليهود الأمريكان والإنجيليين.
رأيتُ في الفيلم مشهداً لعائلة أمريكية إنجيلية تجتمع حول منضدة عليها العلم الأمريكي ويتلون نشيداً ظننت لأول وهلة أنه السلام الوطني الأمريكي، ولكن اتضح أنه دعاء نصراني جعلوه على نفس اللحن، والعائلة عبارة عن أم واثنين أو ثلاثة من أبنائها، ولفت انتباهي أن أسفل العلم الأمريكي على المنضدة علم الدويلة الصهيونية! تأمل كيف يعلمونهم الحقد منذ الصغر، وذكرني مشهد الأطفال النصارى وهم يُسقون حب اليهود بحديثه صلى الله عليه وسلم «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».
رأيتُ المدعوة بيكي منظمة المخيم وغيرها يأخذون أكواباً ويكتبون عليها كلمات مثل «الحكومة» ثم يعطون الأطفال مطارق ويحثونهم على كسرها، وهذا نابع من سخط الإنجيليين على الحكومة الأمريكية لأنها -رسمياً على الأقل- علمانية تفصل بين الدين والدولة، ولما تحمسوا قام أحدهم بكتابة الكلمة على زجاجة نافذة وكسرها! رأيتها تحضر صورة كبيرة من الورق المقوى للرئيس السابق بوش تضعه أمام الحضور وتخبرهم عن أفعاله المؤيدة للإنجيلية مثل تعيينه القضاة الذين يجهرون بدينهم ونصرانيتهم وغيرها، وتمدح بوش وتثني عليه، فيأتي الأطفال ويضعون أيديهم على الصورة وهم يدعون له.
رأيتُها وهي تشعر بالغيرة من المسلمين لأننا نعوّد أنفسنا على الصيام منذ الِصغر، وتذكر بيكي هذا أمام جمهورها بمزيج من المرارة والحسد، والأطفال أهم شيء بالنسبة لهذا المخيم لأن تلقينهم سهل.
أخيراً، من المعلومات الجديدة التي أبرزها الفيلم أن هذه الطائفة النصرانية تشكل 75% من جمهور الدراسة المنزلية في أمريكا.
هذه الطائفة لا تثق في الحكومة الأمريكية ولا مدارسها، لذلك لا يرسلون أطفالهم للمدرسة ويدرسّونهم في البيت بأنفسهم لئلا تقوم المدارس بتلقينهم اللادينية، فالنصارى الأصوليون يظنون أن عمر الأرض لا يتجاوز 6 آلاف سنة وغير ذلك من المعتقدات الغريبة، ولا يريدون المناهج العلمية أن تغيّر هذا في عقول أطفالهم.
الحمد لله على الهداية.