أنا فتاة على مشارف الثلاثين، تعرفت على شاب، وتطورت العلاقة بيننا، وأحببته حباً شديداً، وقررنا الزواج، وجاءت الكارثة بعد الرؤية الشرعية عندما صعقني بقوله بأنني لستُ جميلة، وقد حطم ثقتي بنفسي، وكرهتُ المرآة، وأشعر بانكسار مؤلم يحوّلني إلى الضعف الذي لم أكن عليه في السابق، والأهم من ذلك كلّه أنّني اقتنعت بأنّ سبب عدم زواجي وانعدام المتقدّمين إليّ هو ذلك السبب!
ليست لديّ إعاقة أو تشويه أو ملامح ينفر منها الآخرون، لكن في الوقت ذاته أقول لم أُثِر إعجاب من أحبّني.. فكيف بمن لم يعرفني؟! أنا ولله الحمد أحظى بالقبول من الجميع من أول وهلة ومحبوبة من أقربائي وصديقاتي وزميلاتي.
أختك.
ولكِ سائلتي الفاضلة الرد:
يقول أحد الحكماء: لا تجعل رأي بعض الناس عنك حقيقتك!
وهذا ما فعلتيه، وأنا أرى أنك ظلمت نفسك كل الظلم بربط مصيرك برأيي هذا الشاب فيك! ولن يكون الأخير في حياتك الذي تسمعين منه ما يسوؤك! فلماذا تقف حياتك على كلمة هذا الشاب (غير المتحضر)؟
أنا لا أصادر رأيه في التعبير، ولا ألومه لمجرد أنه صرف النظر عنك لأسباب رآها.. حتى ولو لم تكن عادلة لك, فكل إنسان أدرى بحاجته، ولأن من لا يصلح لإنسان قد يصلح لغيره.. لكنني ألومه على وقاحته وجرحه مشاعرك وعدم مراعاته كرامتك؛ فهناك ألف وسيلة يعتذر بها غير تلك الوسيلة السيئة، والحمد لله الذي كشف شخصيته مبكراً؛ فالحياة مع أمثاله هَمٌّ مستمر، وشقاء دائم.
سكبناه ونحسبه لجينا
فأبدى الكير عن خبث الحديد
وللأسف أن بعض شبابنا قد خالطت الأوهام عقولهم، واستوطن الخيال الجامح تفكيرهم؛ فتراهم قد اشترطوا شروطاً مبالغاً فيها ومواصفات ليست واقعية، قفزوا بها على الحقيقة؛ حيث رسموا صورة ذهنية عن زوجة المستقبل، وليس عيباً أن يُلتمس الجمال ويتُفقد الحُسْن أبداً، ولكن العيب وقاصمة الظهر هي التركيز على ما ظهر من صفات وإهمال الشيء الأهم، وهو الدِّين والخُلق!
أيتها الفاضلة، إن المنتقِد عندما ينتقد إنما ينتقد وفقاً لما في شاشته الداخلية، وليس وفقاً للحقيقة المطلقة، وهذا رأيه الشخصي فقط، والدليل إجماع من حولك على جمالك، وكون الخاطب لم يقدم فلا يعني بحال من الأحوال أن ثمة مأخذاً عليك؛ فلربما كان صاحب ذوق متدنٍ!! وكم أُعجب من تجاهلك جميع الأصوات تتغنى بشخصيتك والإنصات لذلك الصوت النشاز!
فاحذري أختي أن تُسلِّمي مفاتيح مستقبلك المشرق بيد أي شخص، واحذري أن تسمحي لكائن مَنْ كان أن يقفل نافذة البهجة في حياتك، فثقي بنفسك، واعتزي بجمالك وشخصيتك، وتماسكي قليلاً، ولا تستجيبي لمثل هذه المشاعر، ولا يشل الخوف والرعب إرادتك في المستقبل وكأنما تواجهين قوة خفية لا قِبل لك بها, ثقي بأن الله قد اختار لك الخير، وستُرزقين عما قريب بإذن الله بمن يُثمن جمال روحك وجمال مظهرك، وسيكون الخاطب الأول في يوم قريب ذكرى لا أكثر، وستمحو أثره الأيام.
شعاع:
نهاية الأشياء ليست نهاية العالم!