لفت نظري موقف في العيادة إلى أم تبكي أمامي تشتكي من سوء معاملة أبنائها مع الآخرين وسوء أخلاقهم، سرعة انفعالهم، وصعوبة التعامل معهم، وبعد حديث طويل دار بيننا حديث ما بين مد وجزر، سكتت وعيناها تمتلئ حزنا وتقول أعتذر أنا أخطأت !! فسألتها ما الذي أخطأت به؟ فقالت لم أكن أعلم أنني السبب فيما يحدث ! وقلت كيف؟؟، قالت لم أكن أعلم أن طريقتي في تربية أبنائي هي التي أوصلتهم إلى هذا الحال..........
هذا لسان حال كثير من أبائنا وأمهاتنا فهل ينفع الندم؟!
إلى كل أب وأم إلى كل مربي انتبه هذه الأساليب الخاطئة في التربية قد تكلفك كثيرا !!!!
أولا: الحماية الزائدة - Overprotection
يعتقد كثير من المربين أن الحماية الزائدة للطفل تؤمن له حياة سعيدة وخالية من المشاكل إلا أنه وبالعكس، تجعل منه شخصا مهزوز الثقة بالنفس، ضعيف العلاقات الاجتماعية، عديم المسئولية، يعتقد أن كل شيء مسموح له وعندما يخرج إلى المجتمع الكبير يصدم بالواقع ويصبح أكثر إحباطا وأكثر عدوانية لأنه تعود على لغة الأخذ دون عطاء.
ثانيا: القسوة في المعاملة Acridity
من أخطر الأساليب التي يتبعها الوالدان مع الأبناء في كافة أشكالها من الناحية اللفظية أو الفعلية أو الإيمائية أو السخرية حيث ينشأ الابن وفي دواخله كثير من العقد النفسية، مما يزرع فيه الخوف وعدم الشعور بالأمان، ويولد شخصية مترددة ضعيفة الثقة بالنفس.
ثالثا: الافتقاد إلى الثبات في التربية:
يواجه كثير من الأبناء أساليب التربية المتذبذبة، فليس هناك نظام تربوي عائلي قائم فما هو ممنوع اليوم مسموح غدا، وما هو مسموح عند الأم ممنوع عند الأب والعكس صحيح وهكذا، فنجد الابن في حيرة من أمره لا يعرف الصح من الخطأ، فينشأ طفل قلق يعاني من التذبذب ويعاني من الضغوط النفسية، مما يؤدي به إلى ارتكاب أخطاء يتذمر منها الوالدان.
رابعا: غياب المصداقية في التربية
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) صدق الله العظيم
وقال تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون) صدق الله العظيم
وهذا ما نجده بكثرة في بيوتنا وللأسف، فنجد الأب يأمر ابنه بالصلاة وترك التدخين وهو يقوم بذلك، تأمر الأم بناتها بالاحتشام وهي عكس ذلك، ومن أكثر المواقف دلالة على ذلك عند رن جرس الهاتف يقول الابن أمي أو أبي فلان يريدك فيرد قائلا أو ترد قائلة قل له: إنني غير موجود، عجبا تربي أبناءك على الكذب وتريدهم أن يكونوا صادقين....
وغيرها من مواقف العصبية والألفاظ البذيئة والأفعال الصبيانية، عجبا أيها المربون واعجباه أنتم القدوة !!!! انظروا إلى حالكم تعرفون حال أبنائكم.... لا تلوموهم... أنتم من علمتموهم كيف يكونوا... ولماذا يكونوا...
خامسا: وصف الأبناء بصفات سيئة:
أمي وأبي لا تلوماني إذا كنت غبيا فأنتم من قلتم عني ذلك دوما، لا تعاقباني إذا كنت عنيدا فهذا ما تشربته من ألفاظكم، لا تحاسبوني على كرهي لنفسي فلم تتركوا لي المجال لأحب نفسي أشعرتموني أنني سيء أنني ضعيف أنني قذر بسبب الكلمات والصفات التي وصفتموني بها، فكيف تطلبون مني أن أكون وأنتم زرعتم هذه الصفات وأحسنتم سقايتها يوميا بكلماتكم السيئة، حطمتم مشاعري، وأرهقتم فكري بين التصديق والتكذيب هل أنا فعلا كما تقولون !!!
سادسا: التفرقة بين الأبناء:
من الأساليب التي لها أثر سلبي على الأبناء سواء كانت التفرقة عن طريق (نظرة أو قول أو فعل) حيث تولد الغيرة والحقد بين الأبناء، وتشعر الابن بالدونية، وتولد لديه مشاعر النقص والكره والبغض، والعدوانية...
سابعا: تجاهل السلوك الجيد من الأبناء:
احذروا أيها الوالدين من تجاهل السلوك الجيد لطفلكما امدحوا واثنوا عند قيامه بسلوك جيد مهما كان هذا السلوك بسيطا، لأن بتجاهلكم هذا السلوك تؤدوا به إلى الانطفاء والتلاشي...
ثامنا: عدم إيقاف السلوك الخاطئ للأبناء:
ترك الطفل يتصرف كما يحلو له دون تأديب أو تهذيب، يجعله طفل لا مبالي، عديم المسئولية، ولا يعني بذلك استخدام العقاب القاسي أو الترهيب بل يجب استخدام أسلوب التنبيه والحوار والنقاش في البداية وإعطاء فرص لتصحيح الخطأ، حتى يتكون عن الطفل ما يسمى بقاموس الصح والخطأ.
تاسعا: الافتقار إلى الإشباع العاطفي:
يعتقد كثير من الآباء أن إشباع الأبناء من الناحية المادية (مأكل - مشرب- ملبس- هدايا- مال- ألعاب) توفر لهم الراحة النفسية، لكنه وللأسف يغفل كثير من الآباء أن أبناءهم بحاجة إلى الإشباع المعنوي الذي يقودهم إلى تقدير الذات وتحقيقها، فهم يحتاجون إلى الكلمة الحلوة، يحتاجون إلى الحب، يحتاجون من يفهمهم ويسمعهم، من يعينهم ويرشدهم إلى الصواب، يحتاجون الصديق الصدوق الأب الحنون والأم العطوف....فأين أنتم؟؟!!
عاشرا: توقع الكمال والمثالية:
من أشد أساليب التربية التي لها وقع كبير على النفس حيث يستمر الآباء بطلب الكمال والمثالية من أبنائهم، لا يغفرون أخطاءهم أو زلاتهم، مما يولد لدى الأبناء القلق ويزيد لديهم مشاعر الإحباط والغضب فيعيشون في دائرة الضغوط النفسية التي لا تحمد عقباها وتكون سببا للاضطرابات النفسية فيما بعد.
الحادي عشر: القدوة السيئة:
كثيرا ما يرى الأبناء خلافات الوالدين أمام أعينهم فيرون السب والشتم، العنف اللفظي والجسدي والمعنوي، فماذا تنتظرون من أبنائكم إلا أن يكونوا بنفس الصورة التي رأوكم بها، مع مزيج من القلق والكآبة لعدم توفر الأمان والقدوة الجيدة لهم
الثاني عشر: فرض الأوامر دون إقناع:
كثيرا ما يفرض الآباء على أبنائهم الأوامر دون الأخذ في عين الاعتبار الأسلوب المناسب، ومناسبته للزمان والمكان، وهل للابن القدرة على تنفيذ الطلب أم لا، وهذا الأسلوب يولد العناد والضجر، ويزيد مشاعر الكره للسلطة الوالدية.
(إذا أردت أنت تطاع فأمر بما يستطاع)
الثالث عشر: استخدام العقاب:
لجوء الوالدين للعقاب البدني واللفظي دون التمييز بين عمر الأبناء ونوع الخطأ، وهل هذا العقاب للتأديب أم لتفريغ طاقة غضب على الأبناء
سواء كان (ضرب أو سب أو شتم أو صفة) يولد لدى الأبناء الشعور بالدونية، ويزيد من مشاعر الغضب والعدوانية، وقلة احترامه للآخرين، ويزيد لديهم الضغوط النفسية مما يسبب لهم كثير من الاضطرابات النفسية.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) رواه البخاري ومسلم.
- الأخصائية النفسية