مع إطلالة شهر رمضان المبارك - الشهرالفضيل لهذا العام، خيّم الحزن على مدينة الرياض، حزناً وألماً لفراق المغفور لها بإذن الله -الأميرة سلطانة بن تركي السديري- والدة الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
لست بصدد الحديث في هذا المقام عن أمور شخصية، أو حتى مواقف الفقيدة الإنسانية مع الآخرين فهي كثيرة، وحبها للعمل الخيري والذي كان جلّه في الخفاء.. وقد يسبقني قلمي للقول: إن الفقيدة لا يخلو منطقة أو حي من أحياء الرياض إلا ولها موقف مع ذلك المنزل. وقد يفهم البعض أن العمل الخيري أو التكافل الاجتماعي هو فقط مادي، بل كانت -رحمها الله- تصلح ذات البين، متبعة ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة. لا أقول: إنها تحلق الشعر ولكن تحلق الدين).
الفقيدة هي مثال للأم المسلمة التي ابتليت فصبرت، فلقد كُلمت في ابنيها (فهد أكبر أبنائها وأحمد) رغم مرضها الذي كانت تعاني منه فترة طويلة، ولكن الفقيدة التي عاشت مكلومة بابنيها ومرضها بإيمانها القوي رفعت يدها إلى السماء داعية ربها (اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خير منها) كما دعت أم سلمة. مؤمنة بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
المشهد الذي حصل يوم وارت الفقيدة مثواها الأخير، حيث نثر التراب على قبرها الأمير سلمان بن عبدالعزيز بيديه مودعاً بذلك رفيقة دربه، داعياً لها بالرحمة وأن يتقبلها عنده سبحانه وتعالى. والالتفاف الشعبي الذي حصل أسقط كل الفروقات وأصبحنا جميعاً على خط واحد في مواجهة فراق الأميرة سلطانة التي قدمت إلى ما عملت وأحسب أنها ما قلت.
رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته ومدّ في عمر الأمير سلمان الوالد المحبوب.
turkii.mouh@gmail.com