ما زلت أذكر تلك «الرشفة» من الشاي الذي قدمه لنا أحد الأصدقاء في «رمضان» العام الماضي، بعد الانتهاء من تناول الفطور، والذي وصفه بأنه « شاي» يشفي من السرطان، ويزيد من نضارة البشرة وصفائها، والسبب يعود إلى أن هذا «الشاي» مخلوط «ببودرة» الذهب الخالص من «عيار 24» والفضة الخالصة!!.
تحمست للموضوع وطلبت عنوان «المستورد» وزرته وبالفعل وجدت لديه طلبات كبيرة وخصوصاً من «الميسورين» مادياً، يعني «الغلابا» اللي مثلي مالهم «أمل», وخليهم على براد «أبو أربعة» وشاي» تلقيمة» أبرك!!.
لأن «الكيلو» المضاف إليه نحو «40 غراماً» فقط من بودرة الذهب الخالصة والمعالجة يصل إلى «60 ألف ريال» الموضوع باختصار سعر «بيالة الشاي» حسب بورصة الذهب العالمية.
طبعاً نسيت الموضوع خصوصاً مع أسعار الذهب اللي «مولعة نار» هاليومين حتى زرت أحد الأصدقاء مؤخراً وإذ به يقدم لنا «شاي الذهب» فقلت له حسبك..!! أصفي «البيالة» لو سمحت!!، وأستخرج الذهب و»أبيعه» مو» بيالتي» أنا «حر» يا أخي !! وكذا تكون أكرمتني أيما إكرام.
طبعاً لو انتشر هذا الأمر في المجتمع لكانت «مصيبة» خصوصاً وأن بعض الدراسات والإحصائيات تقول إننا نستهلك قرابة «19مليون» كوب من الشاي يومياً، أي ما يعادل «7 مليارات» كوب ونحو «13 ألف» طن سنوياً.
علاقة السعوديين بالشاي علاقة تاريخية تمتد من أيام براد «أبو أربعة» الشهير وشاي «التلقيمة»، وصولاً للأنواع غير المتناهية اليوم من الشاي الإنجليزي, والشاي بالليمون, والشاي بالخوخ..إلخ.
«ثقافتنا» لا يوجد بها وقت محدد لشرب الشاي «أحقن» ما دمت تقدر!! بعكس الكثير من «الثقافات والطقوس الأخرى» التي تحدد وقتاً لشرب الشاي، حتى أن البعض لدينا لا يحلو له «كوب الشاي» إلا في «السيارة» وهو يقودها!!.
ومن بيننا من لا يستطيع قضاء يومه دون ارتشاف أكواب من الشاي «المنعنش» فيما يشبه الإدمان على هذا المشروب حيث يُمنع الصغار لدينا من شرب الشاي خوفاً عليهم كونه مشروباً خاصاً بالكبار، بينما بعض الأمهات تضعه للرضيع بعد تبريده كنوع من العلاج مما يدل على أن مفهوم الشاي له تناقضات «عجيبة» لدينا.
الجدل واسع حول فوائد وأضرار الشاي إلا أن أحدث دراسة تمت في شهر «يولية» الماضي وأشرفت عليها الدكتورة «هيلغا ديتريش» من جامعة «فريدريش شيللر» في بمدينة «يينا» شرق ألمانيا، تنصح محبي المزاج بالتنويع في الشاي وأوقاته وعاداته، تماشياً مع مقولة «إن الكثير مما هو مفيد.. مضر» وتجنّب التشبث بنوع واحد من الشاي والحرص على شربه صباح مساء وتقول الدكتورة ديتريش إن «مختلف أنواع الشاي تحتوي على مادة الكافيين بنسب مختلفة بالإضافة لمواد أخرى مثل التانيين والبوليفينول والفلوريد ولكل من هذه المواد فوائدها الصحية، كما أن لها أيضا مضاراً جانبية، والحل هو في التنويع في شرب الشاي وتغيير أوقاته.
الحمد لله أن «حمى» شاي «بودرة الذهب والفضة» لا تزال مقتصرة على «أناس معينة» نضارة بشرتها تساوي عندها الكثير!!, ولم تنتشر بعد حتى لا نُسجل أرقاماَ قياسية في البورصة العالمية.. أو يصيبنا الدوار من متابعة «فروقات» سعر الجرام!!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net