البيان الذي أصدرته دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن الوضع في سورية، وتعبير دول المجلس عن القلق البالغ والأسف الشديد حيال الاستخدام المفرط للقوة في سورية، ودعوة دول المجلس إلى الوقف الفوري لإراقة الدماء في هذا البلد، بيانٌ مهم جداً حتى وإن تأخر صدوره، لأنَّ هذا البيان الذي يحدد موقف دول الخليج وانحيازها إلى الشعب السوري الذي يتعرض إلى هجمة غير مبرَّرة من النظام الحاكم، وأنَّ هذا الموقف الخليجي لابد أن تتبعه مواقف دول عربية وأقليمية أخرى، كما أنَّ هذا الموقف سيُخرج جامعة الدول العربية من سباتها ويفرض عليها التحرك لمواجهة مسؤولياتها تجاه شعب يتعرض لأعمال عنف متزايد، واستخدام مفرط جداً للقوة مما إدى إلى سقوط العديد من القتلى والضحايا، حيث بلغ عدد القتلى أكثر من ألفي قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، كما امتلأت السجون السورية بالمعتقلين. إنَّ هذا الموقف الخليجي الذي وإنْ تأخر، إلا أنه لابد وأن يسهم في تحرك أطراف عربية وأقليمية ودولية أخرى، لإجبار النظام السوري على الوقف الفوري لإراقة الدماء، والإسراع في تلبية مطالب الجماهير التي لا تتعدى في تحقيق العدالة والحرية وتوفير الكرامة والعيش الكريم للشعب السوري الذي يستحق أن يحيى مثل غيره من الشعوب. دول الخليج العربية انضمت في دعوتها هذه إلى كل الدول المحبة لسورية، فبعد روسيا ودول أوربا والولايات المتحدة الأمريكية تنفض الدول التي كانت تنتظر تعاملاً حكيماً من الرئيس والحكومة السورية لمعالجة الموقف والاستجابة لمطالب الشعب ورغبته في التغيير للأفضل، إلا أنَّ الذي تابعه الجميع ووجدوه هو عكس ذلك، استعمال مفرط للقوة، وقتل جماعي، وتكبيل أكثر للحريات إلى حد منع المصلين من التوجه إلى المساجد في هذا الشهر الفضيل. دعوة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فرصة للنظام السوري لمعالجة الوضع والاستجابة إلى مطالب المجتمع الدولي والعربي والإقليمي، وأن يستجيب لمطالب شعبه ويبدأ في التنفيذ السريع والجدي والحقيقي للإصلاح، بدءاً بالوقف الفوري لإراقة الدماء وإعادة الجيش إلى ثكناته، وإخراج من استقدم من خارج البلاد لقتل أبناء البلاد. إنها فرصة النظام السوري، فهل ينتهزها أم يركب رأسه كالمعتاد.