في الوقت الذي لا تقبل فيه معظم الجامعات العالمية ذات السنوات الأربع أكثر من 45 % من خريجي الثانوية العامة نجد جامعاتنا السعودية تضطر إلى قبول 90 % من خريجي الثانوية، وهذا خلل تعليمي واضح. نعم، أنا أقف بكل الاحترام والتقدير للجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التعليم العالي من أجل توفير فرص التعليم لخريجي الثانوية العامة. لكني في الوقت نفسه أشفق على جامعاتنا وأنا أراها تستقبل أعداداً مهولة من الطلاب المستجدين يفوق أحياناً قدرتها الاستيعابية. السؤال الكبير هو: أين يذهب بقية خريجي الثانوية في الدول المتقدمة؟ الجواب بكل بساطة كالآتي: نسبة كبيرة من خريجي الثانوية في الدول المتقدمة يلتحقون ببرامج تدريب قصيرة متخصصة، أو يلتحقون بكليات المجتمع التي أصبح لها شعبية كبيرة عند الطلاب وعند مؤسسات العمل. تقدم كليات المجتمع برامج مهنية فنية جامعية تستجيب وبامتياز لمتطلبات سوق العمل. كليات المجتمع هناك ليست مجرد جسر يستخدمه الطلاب للعبور إلى الجامعات، كما أنها ليست مكاناً لاستيعاب من تعجز الجامعات عن استيعابهم (Dumping area). كليات المجتمع في الدول المتقدمة غالباً ما تكون كليات حكومية أو كليات أهلية مرخَّصة ومعتمَدَة من هيئات علمية، كما يتاح لخريجي الثانوية الالتحاق ببرامج تدريب متنوعة متفاوتة المدد يتم تقديمها بالتعاون والتنسيق بين قطاع الأعمال وقطاع الكليات. دعونا نفتح مزيداً من الكليات والبرامج الجامعية ذات التوجُّه الفتي والتطبيقي داخل وخارج مظلة الجامعات، دعونا لا نهدر المال ولا نضيع الوقت في فتح كليات وبرامج رنانة شكلية لا تخدم مباشرة سوق العمل وترتقي به.