شهر رمضان المبارك هذا الشهر الجميل الذي ننتظره طوال العام بأمل أن نعيش في أجوائه الروحانية بهدوء وسلام دون أن ينكد علينا شياطين الأنس والجن متعتنا ويقلبون حياتنا إلى صخب وصراع، ويعكرون أيام رمضان ولياليه الجميلة ليالي العبادة والتواصل والتكافل والتعاطف، يكفي أن الشياطين يطاردوننا طيلة العام وما أن يطرق رمضان الأبواب حتى ينتابنا الشعور بالسعادة فقد حانت ساعة تصفيد الشياطين واعتقالهم حتى لايفسدوا علينا أعمالنا ويسلطوا أقوياءنا على ضعفائنا «وفكه يارب منهم ومن شرهم». سر السعادة يكمن في بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين «. لكن يبدو من شرح العلماء لنص هذا الحديث الشريف أن من يكبلون ويحبسون مردة الشياطين لكن صغارهم يستمرون في ممارسة أعمالهم دون إجازة في الشهر الفضيل للتنكيد على خلق الله بمؤازرة مجانية من شياطين الإنس وهذا هو السر في عدم تعارض الحديث النبوي مع واقع الحياة ومجريات أحداثها لذلك فالسلوكيات التي نراها ونشهدها يقوم بإعدادها وإخراجها هؤلاء الصغار وهي في السياسية كما هي في الاقتصاد وفي المجتمع كما في الأسرة وفي البيت والشارع وفي تصرفات الأفراد وانفلات أعصابهم لأتفه الأسباب ووقوع النزاعات والشجارات والاعتداءات وحوداث الاغتصابات وخطف الأطفال والابتزاز والسرقة والكذب والقتل والخيانة والرشوة ومنع الناس حقوقهم.
دخول الشهر الفضيل لم يمنع القادة العرب الذين اجتالتهم الشياطين من مواصلة قتل شعوبهم ودهسهم بالدبابات دون أن يكون لحرمة الشهر الكريم وروحانيته وفضله ومنزلته عند الله عزوجل أي أثر في قلوبهم القاسية الخاوية من الإيمان والخالية من الرحمة والشفقة لكن الظاهر أنهم ماجابوا خبر رمضان فراحوا يقصفون ويهدمون المنازل على ساكنيها ويقتلون الشيوخ والنساء والأطفال لأنهم ببساطة يفتقدون للحس الإيماني الذي يحصنهم من صغار الشياطين سواء في رمضان أوغيره فصار التمسك بالسلطة همهم حتى ولو قتلوا كل أفراد الشعب المسكين والمغلوب على أمره.
صغار الشياطين لم يكونوا بعيدين عن رؤوس التجار الجشعين فدفعوهم للإضرار بخلق الله وحرمانهم من لقمة العيش التي يشتهونها فمع قدوم الشهر المبارك رفعوا أسعار السلع والمواد الغذائية رغم تكدسها في محلاتهم متعذرين بتبريرات غير منطقية نسمعها كل عام مثل قولهم ارتفاع الأسعار عام في كل دول العالم بسبب ارتفاع أسعار البترول وهبوط سعر الريال لارتباطه بالدولار وقلة المعروض من السلع، -طيب- من يفسر لي تكدس البضائع في المحلات هل السبب المقاطعة؟ وإذا افترضنا أن هذا التفسير صحيح فمن يفسر لي إقبال الناس على الشراء؟ أعتقد والله أعلم أن هذه التبريرات من وساوس الشياطين والتي أنساق خلفها التجار لتبرير جشعهم بدلا من مساهمتهم في التخفيف عن الناس ليكسبوا الأجر! لم نسمع عن أي مبادرات شهامة من شهبندرات التجار لرفع العبء الشديد عن كواهل المواطنين! لم نشاهد تبرعات أو تخفيضات أو على الأقل التزاما بالأسعار لكن الظاهر أن تأثيرات الشياطين الصغار قوية رغم غياب قادتهم عن المسرح!
يبدو أن الشياطين يتواجدون حيث يغيب الوازع الإيماني عن الإنسان الذي يتحول إلى وحش لا يرضى إلا بأن تكون الغلبة لنفسه التي هجرها الخير حتى في شهر رمضان.
shlash2010@hotmail.com