منذ عقد من الزمن وأزمة الشعير تتكرر بين الفينة والأخرى، ويحصل فيها متاعب كثيرة لمربي الماشية بالمملكة. وقد اطلعت كغيري من المواطنين في (الجزيرة) على مشاهد الطوابير من السيارات المصطفة لكيلوات عدة، ينتظر أصحابها وصول شاحنة محمَّلة بالشعير؛ كي تشبع غنهم وأبلهم. وقد قال بعضهم إننا نحضر بعد صلاة الفجر إلى قرابة الساعة العاشرة صباحاً في هذا الجو القائظ، الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى 45 درجة مئوية، ولكن بدون جدوى.
وقد تأتي شاحنة أو لا تأتي، ويحصل الواحد على كيس أو كيسين لا يغذيان ماشيته، خاصة إذا كان عنده قطيع من الماشية، وهذا الشح في توافر هذه السلعة الحيوية لا يُعرف سببه إلى الآن، هل هو تلاعب من تجار هذه السلعة واحتكار لها أم عدم السماح باستيراد كميات كبيرة من هذا المحصول المهم والضروري؛ كي لا تنطبق القاعدة الاقتصادية «إذا زاد الطلب قلّ العرض»؛ وبالتالي يصار إلى أن تباع في السوق السوداء بسعر مبالغ فيه لندرته.
فالدولة - أعزها الله - بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قامت بتحمل 50% من تكاليف استيراد هذا المحصول؛ كي يصل هذا المحصول إلى مستهلكي هذه السلعة بالسعر المناسب، وحذرت وزارة التجارة من أن يقوم تجار الشعير بتخزين هذه السلعة بقصد حرمان مربي الماشية من الشعير بغرض مضاعفة الأرباح أو حصول أزمة؛ لأن الدولة ممثلة في وزارتي الداخلية والتجارة معنية بالمتلاعبين والحريصين على وجود أزمة في الشعير.
ومن تكرار هذه المشكلة فإني أدلو بدلوي بأن يكون هناك تكامل بين الوزارات ذات العلاقة (وزارات المالية والتجارة والداخلية).
فوزارة المالية ممثلة في الجمارك لديها معرفة حقيقية بكميات الشعير المستورد من واقع دخولها عبر المنافذ البحرية والبرية، والتجارة لديها معرفة وثيقة بتجار الشعير والكميات المسموحة لكل تاجر من واقع سجله التجاري وملاءته المالية، ووزارة الداخلية توقف المتلاعبين بهذه السلعة من واقع الكميات المخزنة؛ لكي ينال كل ضعيف نفس جزاءه. ويا حبذا لو كان لديوان المراقبة العامة دور كبير في الاطلاع على الكميات المستوردة ومساءلة التجار والموزعين إلى أين ذهبت هذه السلعة؟ هل هي لمربي الماشية أم للمخازن النائية؟ كي لا تتكرر المشكلة بين الحين والآخر؛ حيث إذا لم يكن هناك محاسبة سابقة فحدّث ولا حرج عن الأخطاء، وليس الأهم المحاسبة اللاحقة بل الأهم المحاسبة السابقة لوجود فواتير الشراء. أتمنى ألا تتكرر هذه المشكلة مرة أخرى؛ وذلك بتكامل الدور بين الوزارات المعنية ووجود دور لديوان المراقبة العامة.
وفَّق الله الجميع للصالح العام.
محمد بن ناصر الخميس
المستشار المالي بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف