المتأمل لتجربة النقل البري لدينا يلمح فيها دون عناء ضعف الحركة التطويرية.. تلك التي يعيدها البعض إلى أن بلادنا مترامية الأطراف، وتحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل المتواصل لتطوير وسائل النقل البري لا سيما حافلات نقل الركاب التي لا تزال للأسف مرتبطة بهاجس النقل الجماعي الذي لم يحقق أيّ جديد داخل المدن فضلاً عن أنه يقوم بمهامه على الطرق الطويلة بين المدن.
ولكي لا نجزم بفرضية توقف الخدمة وتهالكها في هذا المجال، أو أن نتصور بأنها لا تعمل، إنما نشير إلى أن هناك بعض القصور في تغطية الخدمة بين المدن في بلادنا لا سيما في هذه المرحلة.
ومن أسباب معوقات النقل الجماعي الداخلي والبري أنه ارتبط في البداية بوصفه حلاً من عدة حلول لمشكلة الزحام المزمن في شوارع المدن، لتستمر هذه الرؤية نحوه على هذا الأساس. بل ذهب إلى أقل من المأمول حينما وضع ذاته في معية وسائل نقل بدائية على نحو مزاحمته لنقل محلي متواضع (خط البلدة) وكأنها هي المشكلة، ومنذ تلك الأيام وهو لا يزال في عقدة «أركب معي وجرب» !!.. وهل نحن أفضل من خط البلدة أم لا..؟!.
فالمعالجة لأمر النقل البري للركاب بين المدن تتطلب في الأساس إنشاء قطاع خاص متكامل للنقل الجماعي بين المدن، تبتعد عنه النزعة المادية الصرفة، وتحل فيه قدر الإمكان الروح الوطنية، ولا مانع من الالتفات إلى الجوانب الاستثمارية طالما أنها لا تكون هدفاً بعينه.
فالبلاد من حولنا أنجزت الكثير من وسائل النقل وهذا ماثل للعيان، إلا أن لدينا فرصة أكبر لنكسب جولة النقل البري الجيد، حتى وإن لم نتطرق بعد لخطوات مهمة أخرى في مجال النقل المحلي في الوسائل البرية الأخرى.
الشركة الواحدة للنقل البري من المؤكد أنها لا تكفي لتغطية احتياجات مدننا، ولا فائدة تذكر من انتظار هذه الدراسات التي ثبت أنها تطيل عمر المشكلة، بل تفاقمها، كما أن تشكيل اللجان في هذا الخصوصي عبثي وغير مجد أيضاً.
مأزق النقل الجماعي والبري بين المدن وفي داخلها يتمثل في تداخل مفاهيم تطبيق حركة الخدمة، ومعوقات فنية أخرى تعترض سبل القائم منها، على نحو تكرار التوقف، والتدخل البشري في حركات النقل، والتباعد في مواعيد انطلاقه، كما أن الارتباك الموسمي لا حلول لها لا سيما في فترات الحج وفصل الصيف.
hrbda2000@hotmail.com