سعادة رئيس التحرير:
تعقيباً على ما نشرته الجزيرة يوم 22 شعبان 1432هـ بعنوان: عضو في الشورى: (لوبي) يحارب صدور نظام «مكافحة التدخين» لمصالح شخصية، وكانت الدولة - أعزها الله - قد أعطت موضوع التدخين اهتماماً بالغاً لعظيم أضراره وكثير خسائره فصدرت من أجله الأوامر والخطابات بمنعه في مكاتب الدوائر الحكومية والأماكن العامة ومن أجله عقد وزراء صحة دول الخليج المؤتمرات.
الحقيقة أن مسألة التدخين والأوامر المتتابعة بمنعه في الدوائر الحكومية والأماكن العامة وعدم الإذعان لتلك الأوامر في حينها من كثير من المدخنين، بل وحتى اليوم البعض يرفض تنفيذ تلك الأوامر والقرارات وإن لم يكن الرفض مباشرة على الرغم مما قيل عن أضراره وثبوت الكثير من الأمراض التي تنتج بسببه ويُقال إن المدخن السلبي وهو من يشم رائحة التدخين من الأبناء في المنازل أو الأصدقاء في المجالس والاستراحات والمقاهي هو أشد تضرراً من المدخن الفعلي، بل وعند أبواب المستشفيات فالطالع والداخل يتأذى من رائحة تدخين مضاعفة فتجد عند الباب الواحد خمسة وسبعة أطباء وممرضين ومراجعين كل «يمز» سيجارته ويتمتع وأولئك يتألمون، لا أدري أليس هناك وازع إن لم يكن دينياً فليكن أخلاقياً وإن لم يكن أخلاقياً فليكن من أجل الإنصاف بالإيمان وفقاً للحديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) وبالطبع فالمدخن لا يحب الضرر لنفسه ولكن ما دام أنه ابتلي به فأوجبت عليه الأخوة ألا يبلي غيره بالضرر وحينما نطلع على الإحصائيات نجد أن السعوديين ينفقون 18 مليون ريال على السجائر يومياً أضف إلى ذلك علاج الأمراض التي تنتج عن التدخين التي وصلت في العام الواحد إلى خمسة مليارات ريال، وحقيقة فالأمر مفزع ومخيف حينما نرى أن التقرير الذي أصدرته الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين بمكة المكرمة وفيه أن الشعب السعودي يستهلك أكثر من أربعين ألف طن من التبغ سنوياً بتكلفة تجاوزت الـ12 مليار ريال الأمر الذي يُنبئ عن تصاعد خسائر الاقتصاد المحلي والصحي والبشري غير أن الذي يقصم الظهر أن الدولة - أعزها الله - تبذل الجهود الكثيرة ليس لمنع وصول الدخان إلى المملكة ولكن إلى التقليل من استهلاكه حفاظاً على صحة المدخن وتخفيفاً عن كاهل وزارة الصحة ومن أجل دعم الاقتصاد الوطني ولكن لا حياة لمن تنادي بل إنه من المحزن أن تجد (لوبيا) بالمملكة كما ذكر ذلك عضو مجلس الشورى الدكتور القويحص يشجع على استمرار التدخين ويجذب إليه الشيء بمعنى أن أبناء الوطن يموتون بسبب مصالح شخصية وهذا لا يقره الشرع ولا الأنظمة المرعية.
وحقيقة أن هذا الأمر محزن ومخيف.. كيف تعلو المصالح الشخصية على المصالح الإنسانية والوطنية، بل وعلى مصالح الدولة - أعزها الله - التي دائماً وأبداً تتحرك في الاتجاه المؤدي إلى رفاهية المواطن وتمتعه بحقوقه الوطنية، بل والإقلال من المضار التي منها مضار وباء التدخين المستشري أقول: المستشري لأن بلادنا قد احتلت المركز الثالث عالمياً في نسبة التدخين وأن عدد المدخنين في المملكة وصل إلى ستة ملايين مدخن ومدخنة، وهنا أقول إن كل ما أوردته في هذا المقال لأبحث عن جواب لسؤال يفرض نفسه.. إلى متى تعلو المصالح الشخصية على المصالح الوطنية، وهل ننتظر حتى يفيض الغيظ؟
صالح العبدالرحمن التويجري