كل عام والمسلمون جميعاً بخير، والحمد لله إذ يحل شهر رمضان المبارك وبلادنا ترفل بالخير والقوة والكرامة، وتعيش استقراراً وأمناً فيما العواصف والاضطرابات تربك حياة الكثير من الشعوب والدول.

الحمد لله الذي أعاد شهر رمضان المبارك ونحن ننعم بالحياة؛ لتكون فرصة لنا لكي نكفِّر عما ارتكبناه من أخطاء وتجاوزات حصلت في العام المنصرم؛ ولهذا فإن شهر رمضان المبارك يوفِّر فرصة عظيمة لمن أراد أن يعالِج ما ارتكبه من أعمال تتعارض مع الشرع ومع الأخلاق ومع المصلحة العامة، فرصة لإصلاح حاله؛ ولهذا فإن من أخلاقيات المسلم أن ينتهز هذا الشهر لمعالجة كل التجاوزات حتى وإن كانت بسيطة، إلا أن المرء يستغرب من أن يكون هذا الشهر الفضيل فرصة للبعض لزيادة أرباحه الدنيوية من خلال زيادة أسعار السلع الاستهلاكية، وبخاصة الغذائية التي يقبل عليها المواطنون والمقيمون؛ فيُزيد من ذنوبه مقابل مكاسب مالية زائلة!

إن قيمة وأهمية هذا الشهر المبارك بما يحمله من مضامين وتوجيهات وتعاليم للمسلمين كافة؛ فالصيام يُشعر المسلمين جميعاً بأنهم متساوون، وكذلك الشعور بالحرمان من جوع وعطش يذكِّر مَنْ غابت عنه حقائق العوز والحرمان كيف تكون حالة مَنْ يصاب بالفاقة والفقر، وإن الصبر الذي يتحلى به المسلمون وهم يكابدون الجوع والعطش طوال يوم كامل تدريبٌ إيمانيٌّ على تحمُّل الصعاب، خاصة في مثل هذه الأيام التي يواجه المسلمون فيها صعاباً شتى، تتمثل في فُرْقة ظاهرة بين أبناء الأُمَّة الإسلامية، واستهداف صارخ من قِبل الأعداء.

ونحن في مثل هذه الأيام المباركة حريٌّ بنا أن نعود إلى خالقنا، ونتعلق بشريعتنا الإسلامية الكفيلة بإعادة الوئام ووحدة الصف لأبناء أمتنا، وتجنبنا الزلل الذي أوصل العديد من الأقطار الإسلامية إلى المهالك، التي تتمثل في الاحتراب والاقتتال والفُرْقة.

واليوم إذ نستقبل شهر رمضان المبارك لنبتهل إلى الله العلي القدير أن يعيد هذا الشهر الكريم على أمتنا الإسلامية العربية بالخير والبركة، وأن يحفظ بلادنا المقدَّسة بقيادتها الرشيدة من كل مكروه، وأن يغدق علينا الخير والتقدم.. وكل عام وأنتم بخير.