يمثِّل دخول شهر رمضان المبارك تحدّياً كبيراً لأجهزة المراقبة في وزارات التجارة والداخلية والبلديات.
فهذا الشهر الفضيل الذي تشبع القلوب في أيامه بالرحمة والمودّة، تنحرف فيه قلوب البعض وتستغلّه لزيادة أرباحهم على حساب حاجة الكثيرين..
في هذا العام ارتفعت الأسعار أكثر من المنتظر، وقد يعود ذلك إلى موجة عالمية في ارتفاع الأسعار وانخفاض سعر الدولار، الذي كُتب علينا أن نتحمّل مشاكله ومشاكسات الجمهوريين في أمريكا لرئيسهم الديمقراطي أوباما، فزيادة الدَّين الأمريكي سيخفِّض من سعر الورقة الخضراء المرتبطة بها عُملتنا، وإنْ لم يستطع أوباما إيجاد حلٍّ لسقف الدَّين الأمريكي، فعلينا وعلى غيرنا ممّن ترتبط عملاتهم الوطنية بالدولار دفع الثّمن... حيث يكون الثّمنُ يكون خفض سعر الدولار، وبالتالي ارتفاع قيمة الاستيراد ومن ثمّ ارتفاع قيمة السِّلع..
كلُّ هذا معروف، وقد حذّرت المنظمة العالمية للغذاء «الفاو» من ذلك، إلاّ أنه مع ذلك، لا يمكن القبول بما فُرض من زيادات كبيرة في أسعار السِّلع التي تُعَدُّ موادّ أساسية في شهر رمضان المبارك، كالدواجن والحليب والسكَّر والرز والقمح، ولهذا فقد بادرت كثير من الدول إلى وضع قائمة لأسعار السِّلع المهمّة، وفرضت على التجار وبائعي التجزئة الالتزام بها، بعد أن راعت وضع نسب ربحيّة معقولة للمستوردين والتجار وأصحاب محلاّت التجزئة، ومثالاً ذلك، فقد وضعت دولة الإمارات العربية قائمة بـ400 سلعة، وضعت لها أسعاراً محدّدة ألزمت محلاّت بيع التجزئة بها، وفرضت غرامة كبيرة على من يخالف ذلك، وعلّقت أسعار السِّلع في أماكن ظاهرة يستطيع المستهلك الاطّلاع عليها.
إنّ الصراع بين السُّلطات الرقابيّة، وخاصة المهتمّة بتطبيق أسعار المواد التموينية، وبين المستغلِّين صراعٌ طويلٌ، وهو أشبه بالصراع بين الخير والشّر، بل هو كذلك، ولذلك فلجهات الرقابة حسنة المحتسب الذي يعمل من أجل حماية الآخرين من جشع المتكِّسبين الذين يستغلِّون المناسبات لزيادة مكاسبهم، حتى وإنْ كانت هذه المناسبة شهر رمضان المبارك.
jaser@al-jazirah.com.sa