يعتبر النمو الاقتصادي الذي تعيشه بلادنا حراكا مهما تحركت معه كافة الجهات المسؤولة في تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة لكي تكبر شيئا فشيئا حتى تصبح شركات عملاقة يستفيد منها الوطن في التنمية والازدهار التجاري والتوظيف الوطني. وما الجهود التي تقدمها حكومتنا الرشيدة في البرامج المطروحة إلا جزء يسير من الأفكار في دعم الشباب وطموحاتهم لكي يكونوا قادرين على سد لقمة العيش لهم ولمن يعولون وكذلك يقوموا بدور أكبر وأكثر أهمية وهو توظيف شباب عاطلين في مشاريعهم الناشئة.
لكن الحقيقة التي لا بد من ذكرها وهي أن تلك البرامج المسؤولة والجهات المعلومة لخطوات الدعم لم تضع يدها على الجرح الذي يعطل الشباب وفكرهم النير في التجارة حتى تعالجها بالشكل المطلوب. وما الإجراءات الروتينية والبيروقراطية في الدوائر الحكومية إلا عرقلة في حركة التنمية لتلك المشاريع التي يؤمل منها بزوغها ونموها كمنشآت صغيرة تخدم الوطن والمواطن على حد سواء. وأستعرض في مقالتي عن أبرز تلك العراقيل والمشكلات وهي كالتالي:
أولاً: الرسوم الباهظة التي تشفط جيوب الشباب قبل ولادة مشاريعهم وفتح محلاتهم. فبدءاً من رسوم البلدية على اللوحات الخارجية والتي تعتبر مظاهر جمالية للشوارع إلا أن الرسوم استطاعت أن تصغر حجمها ودورها المنشود. فأصبحت اللافتات على الشوارع مظاهر تشويه لصغرها لا مظاهر جمال في ظل الرسوم العالية التي تطلبها البلدية من الشاب الناشئ تجاريا. وليس بعيد عنها تلك الرسوم الأخرى من رسوم التأشيرات في مكتب العمل إلى رسوم الجوازات ورسوم الغرفة التجارية ورسوم التأمينات الاجتماعية ورسوم الزكاة والدخل والأخيرة لا غبار عليها ولكن: من باب الذكر لتلك الرسوم خلاف ما يواجهه الشاب من غلاء فاحش من أصحاب الورش والديكور وغلاء العقارات في تأجير المحلات وكل هذه وتلك قاصمة الظهر للشاب الذي يريد أن يؤمّن مستقبله من وراء ذلك المشروع.
ثانياً: لماذا لا يتم إلغاء كل الرسوم على الشباب والبدء في استقطاعها مثلا بعد ثلاث سنوات من مضي افتتاح المنشأة الصغيرة حتى يصبح ذلك من باب التشجيع والتحفيز للصبر والجلد للبقاء في ظل الأريحية في إلغاء تلك الرسوم.
ثالثاً: لماذا لا يُعامل الشاب معاملة المستثمر الأجنبي في تخليص معاملاته بأسرع وقت وإلغاء كافة الرسوم عليه حتى يستطيع المشي وتسارع خطى مشروعه ماديا. وحاله حاليا كالبذرة في الضغط عليها قبل بزوغ زهرتها وخضرتها.!!
رابعاً: بعد تحديد مدة معينة لسداد الرسوم بثلاث سنوات لماذا لا يصبح هناك مشروع الخدمة الشاملة بحيث يكون هناك مبنى في كل محافظة من محافظات المملكة ويتم ربطه في ألياف بصرية وخدمات متكاملة ويتم نقل كافة الموظفين الخدميين في مكان واحد من موظفي البلدية في الترخيص إلى موظفين في الغرفة التجارية ووزارة التجارة وكذلك موظفين من الجوازات وموظفين من مكتب العمل والتأمينات لكي يجد المواطن الخدمة الشاملة في موقع واحد يسهل معه فتح محله أو مشروعه في أسرع وقت ممكن وبذلك قدمت الدولة خدمة راقية ومريحة لأصحاب المنشآت الصغيرة وسوف يصبح هناك أريحية في التفكير لدى شباب آخرين في افتتاح المحلات لا كما هو الحال في التعقيد وتباعد الجهات الخدمة يؤخر في افتتاح المشاريع أو ترك الأفكار التجارية المميزة حبيسة التفكير وعدم تنفيذها على أرض الواقع نظرا للتردد إلى مجموعة أماكن مختلفة ومتباعدة. والمؤمل أكثر هو التقديم عن طريق الإنترنت لكافة الجهات المسؤولة ومن ثم إرسال المستندات لإدارة الخدمة الشاملة المقترحة والحضور مستقبلا لاستلام التراخيص اللازمة أو إرسالها لصاحبها بريديا.
خامساً: لو لاحظنا بعد الرسوم والضرائب التي تؤخذ ممن فتح محله أو منشأته على حسابه الخاص لوجدنا في الآخر المحصلة النهائية لمشروعه قد تكون في السالب نظرا لأن الكل يريد أن يحصل من ذلك الشاب الناشئ حقه من الرسوم وأصبح كالكعكة كل يريد أن يقتسم جزءا منها حتى تنتهي!!.
سادساً: شركة الكهرباء في هذا العام رفعت تعرفتها على المنشآت التجارية دون مراعاة لمن هو مبتدئ أو هامور في السوق ويستطيع أن يجابه الزيادات والغلاء. وهنا فرق كبير فمن الواجب أن تعمل الشركة بالزيادة بالتعرفة بناء على تاريخ المنشأة ومساحتها وهل المالك شركة أم فرد. فإن كانت شركة تعامل بالتعرفة التجارية وإن كان فردا يدعم ويخفض له التكلفة لمدة ثلاث سنوات حتى يقوى عظمه ويكون قد سدد من مديونياته والتزاماته.
سابعاً: في برامج المنشآت الصغيرة يراعى المتقدم في عدة أمور أما الشاب الذي لم يتقدم على تلك البرامج فإنه لا يدخل من ضمن شروطها وتسهيلاتها وأنا هنا أرفع اقتراحي للمسؤولين على تلك البرامج أن يعيدوا النظر في منشآت الشباب عامة حتى يكون ذلك حافزاً على البقاء والاستمرار والهدف من البرامج دعم تنمية الوطن اقتصاديا وتحريك عجلة التوظيف والقضاء على البطالة ولذا من الأهمية بمكان أن تدعم كافة محلات الشباب في هذا الجانب.
ثامناً: برامج نطاقات اطلعت على جزء منه والذي أود ذكره بما يخص موضوعي وهو أن تراعى المحلات الصغيرة في برنامج نطاقات لسبب واحد: وهو أن بعضها لا يستطيع توظيف شاب معه بنفس المحل لعدم استيعاب بعض المنشآت لمرتب الشاب السعودي والحوافز التي يطلبها إضافة إلى عدم ضمان استمراريته بالعمل في ظل دعمه من قبل صندوق الموارد البشرية ولذا وهذا الأولى أن تستثنى المحلات الصغيرة من هذا النظام ويطبق على المؤسسات الكبيرة والشركات والمطاعم الكبيرة ومجمعات الخدمات البترولية.
هذا ما أحببت ذكره في هذا المقال والذي أتمنى أن يأخذ أصداء واسعة عند من يهمه الأمر في وزارات البلدية والتجارة والعمل.