(1)
لَمعَتْ مع البرقِ بيومٍ ماطر ِ،
يوقِدُ حزنَ الشاعرِ،
تعويذةٌ عابسةٌ
تُنْبِئُني:
«مرّتْ فصولي الأربعةْ»..!
مرّتْ..؟
وما زلتُ هنا
أرصدُ أيامي
بتلك الصومعة..!
مرّتْ !؟ وكنتُ أخالُها
تلبثُ في أرضي دهورا..
حتى تُمكّـنّي
غداً واليومَ
أزرعُ في قلوب الصّحْبِ
ورداً وحبورا..
لكنّما مرّت تُراها،
أم تُراها سَخرتْ تعويذتي
مني
فما برِحتْ بوقعِ حسيسِها
هامسةً، مثل حكايا جدّتي،
تنسجُ لي حلماً أثيراً
من ليالي شهرزادْ
قد عاد يدعوني:
تأمّلْ..!
لو أنها عادتْ،
كما وعدتْ أوانَ رحيلها..
أفلا تكونُ الآن أجملْ..!
بضفيرتيها من دجى بغدادْ،
خُضّبَتا، كليْلِ السّهدِ أكحلْ..!
ضَجِرٌ دُجاها، مثل روحكَ، مقفرٌ
واهٍ ينادي سندبادْ:
أوَلمْ يحِنْ وقتُ المَعادْ !؟
طال انتظاري لانبلاجِ الفجر
لكنّ الدّجى.. «أمرٌ يُرادْ»!!
لو أنها عادتْ،
كما وعدتْ أوانَ رحيلها..!
أوقِدْ شموعَ الدارِ
من جمرٍ تلظّى
من أوار القلبِ بعدَ غيابها..
فستمضيانِ تُلوّنانِ بوهجهِ
بالأرجوانِ،
الزورقَ الورقيّ
يسبحُ في المدى
متوقداً.. ما أروعَهْ !
مرّتْ فصولي الأربعةْ..
(2)
لَمعَتْ.. كما قوس المطرْ..
يرسمُ من فوقي
بألوانٍ، مرايا وصورْ
لصبيّةٍ،مبهورةً كانت
تشيرُ إلى القمرْ!
«أأُحبُّ !؟ …. لا أدري»...تقولُ
«فإنهُم قد أخبروني
أنّ حباً جارفاً يسقي المنونْ
ما أنْ تراهُ صبيّةٌ مثلي،
سقاها من سهامٍ في العيونْ
فيمورَ فيها البدرُ، يكبرُ في سماها !
وأنا يحيّرني
أراهُ الآن أكبرْ !..
وكذا يساورني جنونْ !
فوقَ التلالِ الخضرِ
تأتيني عصافيرُ الحقولْ
تأكلُ من كفّي، بلا وجَلٍ
بذور اللوزِ والسكّر...!»
ما لي أراهُ، البرقَ،
مثلي واجِماً
يشكو الأسى
شجوَ حبيبٍ ودّعَهْ..!
أيكونُ أبصرَ في الدجى
تعويذةً تُقلقهُ:
«مرّتْ فصولي الأربعةْ»..!