تقول الأستاذة والأديبة هدى الدغفق في إحدى الصحف المحلية: (تراهن القناة الثقافية السعودية على برنامج وضعته في أولويات برامجها لرمضان المقبل، وتعده واحداً من البرامج التي تعبر عن هويتها الثقافية. البرنامج الذي تعتزم القناة عرضه في فترة بعد المغرب مباشرة بتوقيت مكة المكرمة يتناول تطبيقات أدوات النقد الثقافي على إنتاج الثقافة الجماهيرية التي يتم تداولها عبر القروبات البريدية على الإنترنت، ويحمل اسم سلة الإيميل). إذاً مجمل المسألة أننا أمام برنامج ثقافي تقدمه مثقفة عن النقد الثقافي على قناة تهتم بالشأن الثقافي، واسمها (الثقافية)، مع ذلك لم يمنع كل هذا من الوقوع في أبسط امتحانات الثقافة الحقيقية، كيف.. تعالوا نوضح؟
في كل ثقافات العالم تعتبر اللغة هي الوعاء الحقيقي لثقافة أية أمة ورافد حضارتها المعاصرة، فلا يمكن أن تتقدم أو تحافظ على هويتها القومية إلا من خلال التمسك بلغتها الأم، وحمايتها من المفردات الدخيلة التي تخلخل بنيتها وتزيد اللحن في ألسنة أهلها، غير أن قناة (الثقافية) السعودية التي تنطق بالعربية وتبث من بلد عربي هو قلب العالم الإسلامي، ويُفترض بها أن تكون حارسة على هذه اللغة الخالدة، قد نسيت هذا الدور النبيل والمهمة الشريفة بعجزها الجلي عن تعريب أبسط المفردات والكلمات الحديثة ذات الصلة بمنتجات وتقنيات وافدة، فهل نضبت القواميس فلم تجد إلا كلمة (الإيميل) كي تجعلها عنواناً لأحد برامجها الرمضانية؟ مع أن أقل الطلاب حظاً في اللغة يستطيع أن يفيدهم بالكلمة العربية الموافقة لكلمة (إيميل). في المقابل لا أدري أين ذهب المخزون اللغوي للكاتبة الدغفق وهي المثقفة عندما تتحدث عن (القروبات) وهي تقصد (المجموعات).
إني لا ألوم بعض المثقفين الذين ما زالوا غير مقتنعين بقناة (الثقافية) وأدائها الإعلامي المعبر عن الثقافة السعودية بكل أطيافها أو برامجها التقليدية، التي تبدو كأنها وسيلة مجانية لظهور مثقفين ومثقفات لم تقبلهم قنوات إعلامية شهيرة، بل إنها لا تلتزم بأبسط أبجديات العمل الثقافي الحقيقي، وهو الالتزام اللغوي في الكلمة والخطاب والموضوع. لهذا أعتقد أن اسم القناة أكبر بكثير من دورها الإعلامي، خاصة أنها لا تحسن الحديث بلغة قومها، فكيف ستؤدي مهمتها في نشر ثقافة بلدها. فما بالك إذا كان البلد هو (المملكة العربية السعودية)، فالمملكة تشبه القارة بتنوع مناطقها ومكوناتها الثقافية وعراقة تاريخها، وهي مركز العالم الإسلامي حيث يراها المسلم في كل أنحاء الدنيا المعيار الصحيح للمحافظة على لغة القرآن الكريم.
kanaan999@hotmail.com