في القديم كان العلماء وبعض المثقفين أو الخطباء - وهم من يطلق عليهم سابقاً المطاوعة - كان هؤلاء يسجّلون بعض الأخبار التي تحدث في محيطهم وقراهم ومدنهم على غلاف الكتاب الذي يملكونه، أو بهامش ورقة، أو مكاتبة؛ فتجد أحدهم يقول «في هذا اليوم توفِّي فلان أو رُزق فلان بمولود أو قدم حجاج البلد الفلاني أو كسفت الشمس أو خسف القمر أو هطل المطر بكثافة أكبر من المعتاد..»، وغير ذلك من الحوادث التي قد يكون بعضها خاصاً والبعض الآخر عاماً؛ فكانوا يسجِّلون الكثير من الحوادث اليومية التي قد تكون في وقتهم تحمل أهمية شخصية أو محدودة، ثم مع مرور السنوات وتقادم الأيام أصبحت هذه الهوامش والتعليقات الصغيرة ذات أثر كبير، ومادة مهمة للباحثين، ولاسيما في حقل التاريخ المحلي أو الدراسات الاجتماعية.
هذه المدونات البلدانية انقرضت في السنوات الأخيرة أو تكاد، وقد تكون خرجت بصور أخرى تتغير حسب تغير المجتمع والناس.
أقول هذا وفي ذهني إحدى التجارب المميزة لإعادة التوثيق البلداني المميز وعن طريق خيري لا يهدف إلى الربح بل إلى توثيق مناشط وأخبار إحدى بقع وطننا الغالي، وهو جوال (أبو تركي)، الذي يقوم عليه وفق نشاط استثنائي وحماسة منضبطة وكبيرة الأخ الكريم فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان الوكيل (أبو تركي)؛ حيث إن هذا الجوال أرسل في سنوات قليلة، وقليلة جداً، لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أكثر من مليونَيْ رسالة تناولت إقليم سدير بأخباره كافة، الدينية والثقافية والاجتماعية... إلخ.
هذا الجوال وأمثاله يُشكِّل رصداً مهماً لأنشطة هذه البقعة الكريمة بعد سنوات قليلة، وسيكون مصدراً ثرياً للباحثين والدارسين، وها أنا أقدِّم مقترحاً لأخي الكريم الوكيل بأن يجمع أخبار كل سنة ويوثقها في أحد مواقع النت، ولو طبعها في كتيب سنوي لكان أميز؛ إذ إن الوكيل يُقدّم في جواله الأخبار بشكل يومي بمعدل رسالتين في اليوم - على ما أظن -، بمعنى آخر أنها في نهاية كل سنة هجرية ستُشكّل مادة جيدة ومنوعة ما بين أخبار خاصة أو عامة؛ فتوثيقها في كتاب أو موقع متخصص سيُشكّل مادة ثرية يرجع إليها المختصون وغيرهم عند الحاجة، وسيحتفظ بها من ذُكروا أو ذُكر أقاربهم في مكتباتهم الخاصة.
وسواء تم هذا المقترح أو لم يتم فجوال (أبو تركي) أصبح في السنوات الأخير مادة مهمة ومصدراً موثوقاً.
دعواتي لأخي وجواله بالتميز والتقدم، وكلي أمل بأن نشاهد مثيل هذا الجوال في المحافظات والمناطق كافة في وطننا العزيز؛ إذ إن الجوالات البلدانية التي يقوم عليها أبناء هذه المناطق الأكفاء تقضي على الشائعات والأخبار غير الصحيحة، وتضع الناس دائماً وأبداً أمام الخبر الأكيد، وهذا له أكبر الأثر في الاستقرار الاجتماعي في كل مكان.
tyty88@gawab.comفاكس 2333738