حينما أعود بذاكرتي إلى أيام الدراسة في المرحلة الابتدائية أقف عند نقطة كانت تشغل ذهني في ذلك الوقت حينما نكلف بواجب مدرسي، قد يأخذنا اللعب عن إتمامه أو لا نجيد حله، ونطلب ممن هم أكبر سناً وعلماً أن يقوموا نيابة عنا بأدائه، ويرفض الواعي منهم ذلك بشكل قاطع مبدياً مساعدته فقط بالشرح، كيف نتمكن من طريقة الحل دون الحل نيابة عنا، ومعهم الحق كل الحق في ذلك.. فالهدف من إعطاء المدرس واجباً للطالب إنما هو لكشف فهم الطالب للحل لا الحل بحد ذاته. وقد يستغرب بعض الإخوة القراء المستعجلين على النشر ممن تعاني كتاباتهم من بعض الخلل الذي يمنع نشرها أن يرفض المحرر تعديل قصيدته ونشرها، وربما اعتبر ذلك بخلاً بعلمه أو معرفته؛ والحقيقة أن حال المحرر كحال من ذكرنا ممن يرفضون أن يحلوا واجب أبنائهم أو إخوتهم نيابة عنهم سواء بسواء، فالمحرر ليس هدفه النشر لذاته، بل الوصول بمن يريد النشر ولديه بوادر موهبة يمكن أن تصل بالمزيد من التوجيه والمتابعة إلى نتيجة طيبة. وحتى أكون منصفاً فإن عدداً لا بأس به ممن لديهم الرغبة في التعلم -وأن تأجل وصولهم- يبدون امتنانهم الصادق لمن يوجههم ليقينهم أن الوصول المشرف خير وأجدى من الوصول والنشر كيفما اتفق وغالباً يجد المحرر رفضاً قوياً منهم أن يقوم أحد بالتعديل نيابة عنهم.
وقفة - للإمام الشافعي:
ومن لم يذق مر التعلم ساعة
تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه
فكبر عليه أربعاً لوفاته
وذات الفتى -والله- بالعلم والتقى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
fm3456@hotmail.com