تكاد تكون بعض قصص الشجاعة والكرم والرجولة والوفاء بالعهد ضرباً من الخيال، ولكن شواهدها تدل على وقوعها. ومن القصص التي نحرص على إحيائها قصص الثقة بين الناس.
يقول الشاعر محمد القاضي:
الرجل بالواجب لسانه عقاله
لاقال قولٍ تم لو حال به حال
وقصة هذا الأسبوع جرت على رجلٍ يدعى «العبيدي» من قبيلة حرب، وكان هذا الرجل صاحب نخلٍ كثير ويقع في وادي الفرع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة على الطريق السريع الآن. وكان الناس قديماً يعتمدون في معيشتهم على التمور فيذهبون إلى الأحساء والى العراق والى بيشة للحصول على التمور ويسمى ذلك «كيل»، وهو وقت صرام النخيل.
جاء جماعة على رأسهم عقيدهم، أي كبيرهم، ويقال إنهم من قبيلة عتيبة، أتوا إلى العبيدي لشراء ثلاثين حملاً من التمر. رحب بهم الحربي وأكرمهم وعندما أخبروه بطلبهم أعد لهم التمر وجهزه لهم وكان بمبلغٍ كبير. عندها قام عقيدهم بخلع خاتم بيده وتقديمه للحربي قائلاً له: احتفظ بهذا الخاتم حتى نحضر لك ثمن تمرك. فقال الحربي:
الخاتم اللي في يدي ويش ابيبه
ما غير أفكر فيه والفايدة ماش
واللي ورى شط البحر وش يجيبه
واللي معلق بالسماء كيف يناش
فرد عليه كبيرهم قائلاً:
اللي يسوي الطيبة من نصيبه
يلقى بها قدمه معاميل وفراش
والبعد ما ينحى الفتى عن صحيبه
والقرب ما ينفعك بالصاحب اللاش
عندها قال الحربي: نعم صدقت، خذ التمر واذهب.
وفعلاً أخذه وذهب وبعد فترة أرسل إلى الحربي قيمة تمره. وكل منهم لا يعرف الآخر. ولم تكن هناك مكاتبات ولا إسناد رسمية.
عزيزي القارئ نحن بحاجة إلى إحياء مثل هذه القصة والثقة بين الناس حتى لا ينقطع عمل الجميل والمعروف بيننا.
لنا لقاء في الأسابيع القادمة، إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم الراوي: ناصر عبدالله المسيميري