سعادة رئيس التحرير وفقه الله
يشعر المرء بضيق شديد عندما ينبري أحدهم ليعطي ما يراه رأي الدين في الحوار حول أمر ما فيترك لدى القارئ من الأسئلة أكثر مما يعطيه من الأجوبة، ومثال على ذلك ما قدمه الدكتور محمد بن عبدالرحمن المفدى من آراء حول قيادة السيارة الاثنين 17-8 عدد 14172 وجهات نظر، فقد بدأ بالقول بأن السفور معصية دون ذكر ولو نزر يسير من صريح الكتاب والسنة في ذلك، ثم أتى بأمر عجيب حينما ادعى بأن المرأة المحجبة تشكل خطراً على الأمن عندما تقود السيارة، وكأن رجال الأمن وفقهم الله معنيون فقط بمن يقود السيارة متناسياً جهودهم الخارقة في كشف المتنكرين والمندسين من الركاب. بل إن الرجل الذي يقود السيارة يشكل خطراً محدقاً على رجال الأمن عندما يدافع عن (محارمه) من المتنكرين بزي النساء بالسلاح الحي.
ربما وجدنا للدكتور محمد عذراً في الاختصار لضيق المساحة، لكن لا عذر له عندما يستشهد بآية سورة الأحزاب، فيكتفي بكلمتين وحرف جر من آية طويلة ولم يذكر ما قبلها وما بعدها من آيات لها علاقة مباشرة بها. لا بأس أن نطمح إلى أن تكون جميع إناث المسلمين على خلق نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجاته أمهاتهم، وكن تسعاً. أما اليوم فنساء المسلمين سبعمائة مليون على الأقل، عشرة ملايين فقط منهن في البلاد التي لنا أمر عليها، ومع ذلك فإن الاقتداء بنساء النبي بعيد المنال لأكثرهن، لألف سبب وسبب، وليتهن يقتدين بأخلاق أمهات المؤمنين حتى لو اضطررن للخروج من بيوتهن كما هو حاصل الآن.
إن السعي إلى تنفير نساء المسلمين من العمل فيما يتطلبه المجتمع الإسلامي النامي فيه مضرة عظيمة على المسلمين الذين يسعون إلى التوازن مع بقية العالم في الغذاء والمسكن والملبس والصحة وكل مكامن القوة، كما أن فيه مضرة عظيمة على المرأة المسلمة التي تضطر إلى إكمال ما نقص عليها من قوامة مادية، ومن ليس لديه حلول لهاتين المعضلتين فليتق الله في المسلمين، نساء ورجالاً، والتعويل على الرجال في رعاية النساء والمحافظة عليهن والله أعلم.
منصور الحميدان