هكذا هو عبدالله بن عبدالعزيز، قرارات تاريخية تصب في مصلحة الوطن، من خلال اهتمامه أولاً وقبل كل شيء بالإنسان تعليمياًً ووظيفياً، وأخذه بما يحقق المصلحة العامة كخيار لا بديل عنه، في تلمسٍ منه - حفظه الله- لكل ما يخدم المواطن، تتويجاً لعهدٍ ووعدٍ قطعه على نفسه في أول خطاب وجّهه للشعب إثر مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية، وهو بذلك في تعيينه للوزراء ونوابهم واختياره الأكفاء من المواطنين لإدارة أجهزة الدولة، إنما يترجم ذلك العهد الذي التزم به منذ اليوم الأول لتسلّمه زمام الحكم للبلاد.
***
لذا لم يكن الأمر الملكي بتعيين سمو الأمير عبد العزيز بن عبدالله بن عبد العزيز نائباً لسمو وزير الخارجية مفاجئاً للمواطنين، وبخاصة لدى أولئك الذين يعرفون طبيعة المسئوليات الكبيرة التي ظل سموه يضطلع بها على مدى سنوات خلت، فعرفوا في شخصيته الجدية والإخلاص والكفاءة والحكمة التي كانت - بنظرنا- تعده وتهيئه لمسئوليات بهذا القدر وبثقة ملكية بهذا الحجم، الأمر الذي يفسر صدور الأمر الملكي في هذا التوقيت المناسب، واختياره -تحديداً- لتحمّل هذه المسئولية في وزارة الخارجية.
***
فسموه طيلة سنوات خدمته الوظيفية كان لصيقاً بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقريباً من قراراته التاريخية، وموضع ثقته والاعتماد عليه في كثير من المهام والمسئوليات الكبيرة التي كانت تتطلب كفاءة وحنكة وقدرات مميزة، وقد رآها خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- في ابنه ومستشاره الخاص عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، فجاء تعيينه نائباً لوزير الخارجية بمرتبة وزير اعتماداً على هذه المعطيات عن شخصية المسئول الجديد في وزارة الخارجية.
***
لقد كان الأمير عبدالعزيز في جميع الزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لدول العالم عضواً ثابتاً في الوفد الرسمي المرافق للملك عبدالله بن عبدالعزيز، يشارك في المباحثات والاستشارات والحوارات، فإذا به يتعلّم منها ويتعرَّف من خلالها على خبايا الدبلوماسية وأسرار ودروب العلاقات الدولية، فضلاً عن أنه كان موضع ثقة المليك في نقل بعض رسائله ووجهات نظره إلى زعماء العالم، كلما كانت هناك حاجة لإسماع صوت المملكة وحكمة مليكها ورؤيته في كثير من القضايا والمستجدات، ما يعني أن سموه يتمتع بتراكمات معرفية ستفيد وزارة الخارجية بإضافة الكثير من الأفكار والخبرات التي يتميّز بها نائب وزير الخارجية الجديد.
***
ولا بد من التذكير بأن وزارة الخارجية السعودية تعد واحدة من أهم وزارات الخارجية على مستوى دول العالم، فقد رسخ أهميتها ودورها وواقعية صوتها ذلك الفكر السياسي المبكر الذي أدار به الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله- الوزارة في بداية نشأتها، ليأتي سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وعلى مدى أربعة عقود ليضيف إليها من بنات أفكاره وإخلاصه وطموحاته وجديته في عمله ما جعلها تتمتع بهذه السمعة الدولية المتميزة، وها نحن اليوم مع وجه آخر من أبناء الوطن يدفع به خادم الحرمين الشريفين ليكون نائباً لسمو وزير الخارجية.
***
ولأن الأمر الملكي بضم الأمير عبدالعزيز إلى جهاز وزارة الخارجية نائباً للوزير كان قراراً صائباً واختياراً موفقاً، وأن وزارة الخارجية هي من تهنأ بذلك، فقد سارع سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز بإرسال برقية للأمير عبدالعزيز لا يكتفي فيها بتهنئته بثقة المليك بتعيينه نائباً لوزير الخارجية، وإنما يذهب سموه لما هو أبعد من ذلك بتهنئة وزارة الخارجية بانضمامه إليها نائباً لسمو الوزير.
***
وبالتأكيد فإن المرحلة الحالية تطلبت من ولي الأمر إصدار الأوامر الملكية التي تتضمن إعطاء الفرصة للشباب ليتبوأوا بعض المراكز المهمة بأجهزة الدولة بحسب اختصاصاتهم ومؤهلاتهم العلمية، وقد رأينا ذلك يتم تباعاً في الفترة الأخيرة، وكان آخرها صدور الأمر الملكي بتعيين سمو الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز مساعداً لسمو وزير الداخلية وكان قبل ذلك قد تبوأ مسئوليات قيادية في وزارة الداخلية وإمارة المنطقة الشرقية وسفيراً للمملكة لدى إسبانيا مما أهله لموقعه الوظيفي الجديد مساعداً لوزير الداخلية، ما يعني أن القيادة أمام زيادة حجم العمل في قطاعات الدولة والاهتمام باستقرار المملكة وأمنها وتوفير الخدمات لمواطنيها، إنما تطلب منها اتخاذ مثل هذه القرارات ضمن خطط طموحة ومتواصلة للاستفادة من القدرات الشابة في الخدمة العامة.
***
ومثلما هنأ سمو الأمير نايف وزارة الخارجية بتعيين الأمير عبدالعزيز نائباً لوزيرها، فإن كل مواطن ينتظر منه في عمله الجديد ما عهده فيه من نجاحات في كل مواقع المسئولية والوظيفية السابقة، وخصوصاً أنه سيعمل في وزارة اعتادت بقيادة وزيرها الأمير سعود الفيصل استقطاب واستيعاب بعض المتميزين والنابهين من أبناء الوطن بدعم وتوجيه كريمين من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني.